1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
مجتمعالسويد

السويد- كيف يرى مهاجرون عرب الحوافز المالية لعودتهم طوعا؟

١٣ أكتوبر ٢٠٢٤

كغيرها من دول أوروبية عدة تعمل السويد على خفض أعداد المهاجرين سواء القادمين لها أو الموجودين فيها بالفعل. وقدمت الحكومة السويدية اقتراحًا مثيرا للجدل بشأن الفئات المستهدفة وإمكانية تطبيق الاقتراح على أرض الواقع.

https://p.dw.com/p/4lc7c
أعلنت السويد عن مقترح بزيادة المبالغ المالية المعروضة كمساعدات مالية تشجيعًا لعودة المهاجرين طوعيًا إلى بلادهم. فكيف يرى العرب الاقتراح؟
أعلنت السويد عن مقترح بزيادة المبالغ المالية المعروضة كمساعدات مالية تشجيعًا لعودة المهاجرين طوعيًا إلى بلادهم. فكيف يرى العرب الاقتراح؟صورة من: Jens Büttner/dpa/picture alliance

"باستخدام المصطلح المستخدم من جانبهم فأنا مندمج في البلد وأتحدث لغته. ولكن الأذى النفسي الذي تتركه هذه المقتراحات لدي أو لدى غيري يتمثل في تحويلك لقيمة مادية سواء اجتهدت أم لا، تفضل هذا المبلغ وأخرج من هنا!".

هكذا بدأ الناشط السياسي من أصل فلسطيني عبدالله مرعي حديثه عن الوضع الحالي في السويد، فمرعي هو واحد من آلاف العرب الذين أصابهم الأحباط بعد إعلان الحكومة السويدية عن مقترح بدفع مبالغ مالية كمساعدات مالية تشجيعا لعودة المهاجرين  طوعيًا إلى بلادهم.

ففي محاولة جديدة من قبل الائتلاف اليميني الحاكم في السويد تحقيق وعوده بخفض الهجرة بشكل كبير، اقترحت الحكومة زيادة المبالغ المالية المعروضة لعودة المهاجرين لبلادهم. 

وفي حوار أجراه مهاجر نيوز، عبر مرعي عن إحباطه من المقترح الذي يرى أنه بمثابة "عقاب جماعي لجميع المهاجرين"، على حد تعبيره حيث يقول: "ليس لكي حق عقاب الجميع. نتحدث هنا عن أشخاص مسؤولين عن أسر كاملة قضت سنوات طويلة هنا، فكيف لي أن أخاطب ابنتي وأقول لها الدولة تعرض علينا مال للخروج. الفكرة مهينة من وجهة نظري".

"تسعيرة" من أجل الخروج؟

لا تعد هذه المرة الأولى التي تعرض فيها السويد مبالغ مالية للمهاجرين في مقابل العودة الطوعية، إلا أن الجديد هذه المرة هو اقتراح رفع قيمة بدل العودة للشخص البالغ من 10 آلاف كرونة سويدية ( أي ما يعادل 879 يورو) إلى 350 ألف كورونا سويدية (أي ما يعادل 30 ألف يورو).

الجديد هذه المرة هو اقتراح رفع قيمة بدل العودة للشخص البالغ من 10 آلاف إلى 350 ألف كورونا سويدية.
الجديد هذه المرة هو اقتراح رفع قيمة بدل العودة للشخص البالغ من 10 آلاف إلى 350 ألف كورونا سويدية.صورة من: Stig-Ake Jonsson/TT/picture alliance

وخلال مؤتمر صحفي لعرض إجراءات  سياسة الهجرة الجديدة، قال عضو البرلمان عن الحزب الديمقراطي الاشتراكي لودفيغ أسبلنغ: "إن هذا البدل موجود منذ عام 1984 ولكنه غير معروف نسبيا، فهو منخفض ولا يستخدمه سوى عدد قليل من الناس. ومن خلال زيادته والإعلان عنه، ربما يستخدمه عدد أكبر من المهاجرين".

ويرفض مهاجرون  من أصول عربية المقترح، إذ أجرى موقع الكومبيس Alkompis العربي في السويد استفتاءًا توصل عبره إلى أن 77 بالمئة من الأشخاص يرفضون فكرة العودة مقابل المبلغ الذي تقترحه الحكومة.

ويقول مرعي: "طرح فكرة طرد وسحب أوراق بمقابل مادي، أرى فيها إهانة للبلد ولمواطنيه ولصورتها حيث وقعت هذه الدولة اتفاقات لحفظ حقوق إنسان. القانون الدولي يضمن لي حق طلب اللجوء ولكنك حاليًا تضع لي تسعيرة". ويضيف مرعي متعجبًا: "على الرغم من عملي واجتهادي، يعرضني للبيع مقابل 350 ألف كورونا".

من المستهدف بالاقتراح؟

لطالما اقتصرت الفئات التي يمكنها التقدم بطلب الحصول على معونة العودة في السويد، وفقًا للنظام القديم القائم بالفعل، على اللاجئين وأصحاب الإقامة المؤقتة أو الدائمة. بيد أن الاقتراح الحكومي الجديدة يمتد ليشمل أيضًا من حصلوا بالفعل على الجنسية السويدية وإقامات لم الشمل.

وفي حين أن الحكومة السويدية تأمل أن الزيادة في المبالغ المطروحة قد تجتذب بالأساس مهاجرين عاطلين عن العمل لفترة طويلة أو ممن يتلقون المساعدات الاجتماعية، يخشى الجميع من آثار طرح الفكرة واستهدافها للجميع. 

فالبنسبة لمرعي الذي انتقل للسويد قبل أكثر من 11 عامًا وحصل هو وزوجته وبناته بالفعل على الجنسية السويدية، يترك الاقتراح "آثر نفسي سيئ للغاية" لدى المهاجر. ويقول مرعي: "نحن نبذل مجهود ونعمل ونحاول تقليل حجم الفجوة بين المهاجر  والمجتمع من خلال تعلم اللغة وإيجاد فرص عمل. صحيح أنه مجرد مقترح ولكنه مضر نفسيًا ويزيد من حجم الفجوة ويخلق حالة من التور والقلق ويعطيك شعور بعدم الانتماء لهذا البلد ويخلق صدام بين  المهاجر والمجتمع".

يمتد الاقتراح الحكومي الجديدة بشأن العودة الطوعية ليشمل من حصلوا بالفعل على الجنسية السويدية وإقامات لم الشمل.
يمتد الاقتراح الحكومي الجديدة بشأن العودة الطوعية ليشمل من حصلوا بالفعل على الجنسية السويدية وإقامات لم الشمل.صورة من: Patrick Pleul/dpa/picture-alliance

"إحدى الطرق الناعمة للطرد"!

ولأن الاقتراح يشمل جميع المهاجرين تقريبًا علي اختلاف أوضاعهم القانونية، لا تختلف مشاعر الشاب السوري ع. م. (فضل عدم ذكر إسمه) الحاصل على الإقامة الدائمة في السويد منذ عام 2017 كثيرًا.

وصل ع.م. من سوريا عام 2014، ليبدأ خطوات تعديل شهادته الجامعية والالتحاق بدورات تدريبية للعمل في مجال تخصصه بالمحاسبة بالعاصمة ستوكهولم. وعلى الرغم من إقامته في السويد لأكثر من عشر سنوات، لم يحصل ع.م. على الجنسية السويدية حتى الآن.

وفي حوار أجراه معه مهاجر نيوز، يقول ع.م.: "مقترح صادم ومحزن ومحبط لأن المهاجر يشعر وكأن الدولة التي يعيش فيها لا ترغب فيه. يعمل المهاجر ويجتهد ويحقق بعض الإنجازات وخطوات للاندماج في المجتمع سواء من خلال الوظيفة أو الدراسة أو التواصل مع الناس أو التعرف على قوانين البلد، ثم يجد أن كل ما سعى لتحقيقه يذهب هباءا".

ويضيف الشاب السوري بالقول: "في النهاية تجد أن هناك اقتراحات وأساليب تحت عنوان العودة الطوعية لكن هي فعليًا للأسف طرد. القانون هنا لا يسمح بالطرد الإجباري للأشخاص، وبالتالي هي إحدى الطرق الناعمة للطرد".

وكانت السويد قد مررت عام 2016 قانونًا يشدد  الهجرة واللجوءإليها، وفقًا لموقع المركز السويدي للمعلومات. ولم يعد للاجئين سوى حق الحصول على إقامة مؤقتة لأسباب إنسانية عامة تصل مدتها إلى 13 شهر فقط، أو إقامة مؤقتة لأسباب إنسانية خاصة تصل مدتها إلى 3 سنوات فقط. ولدى انتهاء هذه الفترة، تقوم الجهات المعنية بتقييم أسباب منح الإقامة لاتخاذ قرار تجديدها من عدمه.

مقترحات بـ"طعم اليمين"!

ويرى الناشط السياسي عبدالله مرعي أن أغلب المقترحات المقدمة حاليًا "يبدو عليها طعم اليمين ضد المهاجر"، على حد تعبيره، بعد أن كانت السويد "في قمة الإنسانية والدعم" خلال موجة اللجوء منذ 9 سنوات.

ففي عام 2015، استقبلت السويد حوالي 160 ألف طالب لجوء بما صُنف حينها كأعلى معدل استقبال في الاتحاد الأوروبي. ولكن أعلنت الحكومة السويدية أنذاك أنها لن تكون قادرة على الاستمرار في ”سياسة الباب المفتوح" معلنة استبدال تصاريح الإقامة الدائمة بالتصاريح المؤقتة.

وبانتخاب البرلمان السويدي للسياسي المحافظ أولف كريسترسون رئيسا للوزراء في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، استمر التوجه المتشدد للدولة فيما يخص سياسات اللجوء والهجرة. وأعلنت الحكومة عن فرض المزيد من القيود على لم الشمل، كما رفعت الحد الأدنى للأجور اللازم لمنح تصاريح العمل للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن المقترح الأخير الخاص بالعودة الطوعية.

بانتخاب البرلمان السويدي للسياسي المحافظ أولف كريسترسون رئيسا للوزراء، يستمر التوجه المتشدد للدولة فيما يخصص سياسات اللجوء والهجرة.
بانتخاب البرلمان السويدي للسياسي المحافظ أولف كريسترسون رئيسا للوزراء، يستمر التوجه المتشدد للدولة فيما يخصص سياسات اللجوء والهجرة.صورة من: Pontus Lundahl/TT NYHETSBYRÅN/picture alliance

ويقول مرعي: "قد يوافق البعض على تنفيذ المقترح. فحتى من قبل الإعلان عنه، هناك أشخاص لديها بالفعل الرغبة في الخروج بسبب التطورات السياسية التي تحدث في البلد".

وغادر السويد العام الماضي حوالي 79 ألف شخص، وفقًا لهيئة الإحصاء السويدية، وشكل السويديون من أصول مهاجرة الذين قرروا العودة إلى بلادهم أو الذهاب لبلد ثالث النسبة الأكبر منهم.

ما مدى إمكانية تطبيق الفكرة؟

ويشير مرعي إلى أن المقترح لا يأخد في الاعتبار عوامل ضرورية يأتي في مقدمتها الوضع في البلدان الأصلية التي يأتي منها  المهاجرون وطالبو اللجوء. ويضرب مرعي مثالًا بحالته الشخصية حيث يتسائل: "أنا فلسطيني بالأصل ويتم تسجيلي رسميًا في كل مكان للأسف بأني بلا وطن. لنفترض أنني وافقت على الاقتراح للحصول على المبلغ المعروض، فإلى أين سأذهب؟"

أما بالنسبة للشاب السوري ع.م.، فهو لن يقبل بتنفيذ الاقتراح لسبب أخر حيث يقول: "خيار العودة الطوعية غير مناسب لي، خاصة وأنني على مدار 10 سنوات عملت خلالها هنا دفعت للدولة ضرائب تبلغ قيمتها أكثر بكثير من المبلغ المعروض من قبل الحكومة في ذلك الاقتراح".

ويتشكك محللون ومتابعون أيضًا من إمكانية تطبيق الاقتراح علي أرض الواقع، إذ يوصي تقرير أعده الباحث الاقتصادي يواكيم روست بتكليف من الحكومة السويدية بعدم زيادة بدل العودة بشكل كبير. واعتبر التقرير الصادر في شهر أغسطس أنه زيادة بدل العودة لن يكون فعالا بسبب تكلفته المرتفعه، كما أنه قد يخاطر بإبطاء الجهود المبذولة لإدماج المهاجرين.

هل من بديل سياسي؟

ويوكد الناشط السياسي عبدالله مرعي على ضرورة الاستثمار في البشر بدلًا من إخراجهم حيث يقول: "هذا المبلغ الذي أعلنت عن استعدادك لدفعه لإخراج شخص من هذا البلد، كان يمكنك من البداية دفعه لمساعدة هذا الشخص للإندماج أو لتوفير فرص تدريبات مهنية لتحقيق استفادة أكبر من خلال الاستثمار فيه".

ويشير مرعي إلى أن "البدائل السياسية غير موجود"، على حد تعبيره، فعدد المهاجرين الفعالين العاملين في السياسة قليل جدًا لمواجهة هذا النوع من الاقتراحات.

ويتفق الشاب ع. م. مع مرعي، خاصة مع شعوره بأن الكثير من السويديين  لايزالوا "مرحبين" بالمهاجرين. ويضيف: "يجب علينا السعي لأن يكون لنا صوت ما يعبر عنا من خلال أحزاب  أو جمعيات لها ثقل ما. وعند ظهور مثل ذلك النوع من الاقتراحات، يمكن لهذا الكيان حينها أن يوصل صوتنا ورفضنا وتخوفاتنا للشارع السويدي. فهذه الاقتراحات تخلق إحباط وانعدام لمشاعر الأمان مع الحكومة التي يعيش  المهاجر تحت ظلها".

مبادرة في السويد لمنع تأجيج العداء والعنف بين المهاجرين والمواطنين

مهاجر نيوز 2024

 دينا البسنلي