شهادة سجين تركي.. رعب سجون الأسد "تعذيب وجثث بالنفايات"
١٥ ديسمبر ٢٠٢٤يعجز المواطن التركي محمد إِرْتُرك عن أكل الخبز -الذي تعده زوجته خديجة- بعد خروجه مؤخرا من سجن سوري وهو أجوَف الوجنتين بسبب فقدانه نصف أسنانه فيما النصف الآخر على وشك السقوط، مؤكدا لوكالة فرانس برس: "كان التعذيب متواصلا" ومستذكرا ضربات الهراوات التي كان يتلقاها على الفم من جانب الحراس في فرع فلسطين وهو سجن في دمشق أمضى فيه جزءا من سنوات اعتقاله في سوريا على مدى 21 سنة تقريبا.
أُوقف محمد عام 2004 بتهمة التهريب وعُثر عليه مساء الإثنين 09 / 12 / 2024 في بلدته ماغاراجيك الواقعة على مرتفع على بعد حوالي عشر دقائق من الحدود السورية عبر حقول الزيتون. ويقول الرجل البالغ 53 عاما الذي يبدو من خلال ملامح وجهه ومشيته أكبر سنا بكثير "ظنت عائلتي أني مُت".
وفي الليلة التي حُرِّرَ فيها من السجن سمع إطلاق نار وراح يصلي موضحا "كنا نجهل ما يحصل في الخارج. ظننت أن ساعتي قد حانت". ثم راح يسمع ضربات مطرقة متسارعة. وبعد دقائق على ذلك فتح عناصر فصائل المعارضة المسلحة الذين دخلوا دمشق لإسقاط حكم بشار الأسد، أبواب السجن. تروي زوجته -وهي جالسة في باحة المنزل العائلي مع ابنتها التي كانت في شهرها السادس عند اعتقال والدها- قائلةً: "لم نرَهُ منذ 11 عاما، كنا نظن أنه قضى ولم يعد لدينا أي أمل".
صراصير في الطعام مع رائحة المراحيض
حكم على محمد الذي لديه أربعة أبناء بالسجن 15 عاما وزُج به في زنزانة تحت الأرض تحت رحمة حراس متحمسين من دون الاكتراث لموعد نهاية عقوبته في عام 2019. ويروي قائلا "كانت عظامنا تظهر من شدة الضرب بالمطرقة على المعصمين". ويتابع "لقد صبوا المياه المغلية في عنق معتقل آخر. وقد ذاب جلد عنقه ونزل إلى أسفل" مشيرا إلى وركيه. وينزع جاربه ليظهر كاحله الأيمن الذي عليه بقع داكنة جراء السلاسل.
ويؤكد "خلال النهار كان ممنوعا منعا باتا الكلام (..) كنا نجد صراصير في الطعام ونعاني من الرطوبة وتنتشر رائحة مراحيض" متحدثا عن مرور أيام "من دون ملابس ولا مياه ولا طعام، كما لو كنا في نعش".
120 شخصا في زنزانة تتسع لـ20 شخصا
ويضيف "كانوا يضعون 115 إلى 120 شخصا في زنزانة واحدة تتسع لعشرين شخصا. قضى كثيرون جوعا" مؤكدا أن الحراس "كانوا يرمون من قضى في مكب نفايات".
ويقول المعتقل السابق إنه عانى أيضا من كره الحكومة السورية السابقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان يحث منذ أشهر الحرب الأولى في سوريا عام 2011 بشار الأسد على مغادرة السلطة. ويوضح محمد إرترك "نحن الأتراك تعرضنا لتعذيب كثير بسبب ذلك" مؤكدا أيضا انه حرم من أدوية بسبب جنسيته. وللتخلص من هذا الرعب كان يتمنى أن يشنق. ويوضح: "في أحد الأيام اقتادونا إلى مكان اعتقال جديد ورأيت حبلا متدليا من السقف وقلت في قرارة نفسي +الحمدالله الفرج آتٍ+".
المرصد: قتلى التعذيب بالسجون السورية 105 آلاف شخص
بشكل متكرر يوقف روايته ليشكر الرب و"رئيسنا العزيز أردوغان" على عودته على قيد الحياة إلى كنف عائلته وألا يكون بين الضحايا الكثر في السجون السورية الذين يزيد عدد قتلاهم على الأرجح عن 105 آلاف تحت التعذيب بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره في لندن.
تعطيه إحدى شقيقاته مجموعة من الصور القديمة، على إحداها يظهر مع صديقه فاروق كارغا الذي دخل السجن في سوريا معه، بعيد التقاط هذه الصورة، إلا ان فاروف كارغا لم يعد إلى دياره. يؤكد محمد إرترك: "قضى جوعا في السجن قرابة عام 2018... كان وزنه 40 كيلوغراما".
ع.م / م.س (أ ف ب)