قضى في سجون الأسد.. تشييع الناشط المعارض مازن الحمادة
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤شيّع مئات السوريين، الخميس (12 ديسمبر/كانون الأول 2024)، الناشط المعارض مازن الحمادة، الذي عثر على جثمانه مع نحو 35 آخرين في براد مستشفى قرب دمشق، بعيد سيطرة فصائل معارضة على العاصمة الأحد إثر هجوم مباغت انتهى بإعلانها إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
وتشكل معاناة هذا الناشط الذي اعتقله النظام السوري مرتين فصلا من فصول المأساة التي عاشها عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون سيئة السمعة وشهدت على انتهاكات وتعذيب لا يوصف، وفق شهادات معتقلين وناشطين ومنظمات حقوقية.
وفي باحة مستشفى المجتهد في دمشق، صاح المشيعون الذين حمل بعضهم أعلام الثورة السورية "لن ننسى دمك يا مازن"، بينما كان آخرون يحاولون تهدئة والدته التي بدت منهارة من شدّة البكاء والحزن.
وعثر فصيل معارض الثلاثاء على نحو 35 جثة في براد داخل مستودع مستشفى حرستا الواقع شمال شرق دمشق، ملفوفة بأكياس وقماش أبيض وعليها آثار تعذيب وكدمات، بينها جثة الحمادة الذي تعرفت اليه العائلة من الصور.
وقالت شقيقته أمل لوكالة فرانس برس بتأثر على هامش التشييع "تواصلت مع طبيب وأرسلت له مقطع فيديو وصورة.. قال لي إنه أعدم من نحو عشرة أيام".
وتختصر تجربة الحمادة الذي سجن مرتين معاناة السوريين داخل سجون النظام السابق. وسجن الشاب لأول مرة بعد مشاركته في الاحتجاجات المناهضة للحكومة إثر اندلاعها عام 2011، حيث تعرض لتعذيب شديد بأساليب عدة، كما روى لاحقا بعد خروجه من السجن وفراره الى هولندا في عام 2014 حيث تقدم بطلب لجوء.
في هولندا كما في دول أخرى، قدّم الحمادة شهادته علنا عن الانتهاكات والتعذيب الذي تعرض له. وتحدث في مقابلات وندوات عن معاناته في السجن والتي لم يتمكن من تجاوزها وأدت لاحقا وفق عائلته الى تدهور حالته النفسية.
في إحدى مقابلاته التي أعاد ناشطون خلال اليومين الأخيرين تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، استعاد الحمادة لحظات من تجربة قاسية. وقال "دمروا الذكريات الحلوة، دمروا طفولتي، دمروا شبابي". وأضاف "نحن لسنا كما يصفنا الأسد، نحن كلنا متعلمون ودرسنا في الجامعات" قبل أن يضيف ودموعه تغطي وجنتيه "قتلنا كلنا، لم يترك شيئا منا".
وقالت شقيقته خلال التشييع "قالوا إنه صوّر تظاهرات... هو صوّر (تظاهرات) سلمية، وشبابا يطالبون بالحرية". بعد نحو ست سنوات من وصوله الى هولندا، عاد الحمادة بشكل مفاجئ الى سوريا. وأفادت تقارير حينها بأن النظام استدرجه للعودة. وما أن وطأت قدماه مطار دمشق الدولي حتى تم توقيفه واختفى تماما الى حين العثور على جثته في مستشفى حرستا.
وقال محمّد الحاج، أحد مقاتلي "غرفة عمليات الجنوب"، وهو ائتلاف فصائل معارضة، عثر على الجثامين في مستشفى حرستا لوكالة فرانس برس عبر الهاتف من دمشق "فتحتُ باب غرفة التبريد بيدي، كان المشهد مهولا، حوالي أربعين جثة مكدّسة داخلها وعليها آثار تعذيب لا يصدّقه عقل".
وأظهرت صور ومقاطع فيديو التقطها الحاج داخل مستشفى حرستا، شمال شرق دمشق، واطّلعت فرانس برس عليها، الجثث وبينها جثة مازن الحمادة، قبل أن يتم نقلها الى مستشفى المجتهد، حيث تهافتت عائلات بحثا عن أبنائها.
وشكّل مستشفى حرستا، وفق ما قال دياب سرية من رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، "مركزا رئيسيا لتجميع الجثث الآتية من سجن صيدنايا أو مستشفى تشرين قبل نقلها إلى مقابر جماعية".
ووفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان، قضى نحو ستين ألف شخص تحت التعذيب أو بسبب ظروف الاحتجاز المريعة في السجون السورية، ودخل نصف مليون شخص سجون السلطة، منذ بداية الحرب، وفقا للمصدر ذاته.
ف.ي/أ.ح (ا.ف.ب)