ما مدى إمكانية انضمام أوكرانيا "جزئيًا" إلى حلف الناتو؟
٩ ديسمبر ٢٠٢٤تمثل المادة الخامسة جوهر معاهدة حلف شمال الأطلسي "الناتو". فهي تنص على التزام جميع الأعضاء بالمساعدة في الدفاع عن النفس في حالة تعرض دولة أخرى في الناتو للهجوم. ومع ذلك، فإن كل عضو في حلف شمال الأطلسي يقرر بنفسه المساعدة التي يقدمها. وبعد الهجوم الروسي على أوكرانيا في 2022، أكد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن مرارا وتكرارا "سندافع عن كل سنتيمتر مربع من أراضي الناتو". وتريد أوكرانيا الانضواء تحت مظلة الحماية هذه. وقد وعد حلف شمال الأطلسي مرارا بالقيام بذلك ولكن دون تحديد موعد. وفي وقت ما، سيتم مكافأة أوكرانيا بمنحها عضوية الناتو، تقديرا لمعركتها الدفاعية ضد روسيا.
هل حماية الناتو ستكون لجزء من أوكرانيا فقط؟
الآن، يقترح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبول الجزء الحر من أوكرانيا في الناتو. ولا ينبغي للمناطق التي تحتلها روسيا في الشرق وشبه جزيرة القرم (حوالي 27% من مساحة أوكرانيا)، والتي ضمتها روسيا في انتهاك للقانون الدولي، أن تخضع في البداية لمظلة الحماية التي يوفرها الحلف. ويريد زيلينسكي منع القوات الروسية من المزيد من التقدم، ويريد أيضا أن تصبح مفاوضات وقف إطلاق النار، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مسألة ممكنة.
من الناحية الفنية، سيكون من الممكن تنظيم عملية التطبيق الجزئي فقط لمعاهدة الناتو على أراضي أوكرانيا. ومن الممكن صياغة وثيقة انضمام أوكرانيا، والتي يتعين أن تصدق عليها، وفقاً لذلك، كافة الدول الأعضاء في الحلف والتي يبلغ عددها 32 عضواً. وترد بالفعل في المادة 14 من معاهدة حلف شمال الأطلسي بروتوكولات إضافية بشأن قضايا أخرى. وتصف المادة السادسة من معاهدة الناتو أراضي الحلف، فمثلا هناك بعض الجزر منطقة البحر الكاريبي أو المحيط الهادئ تابعة لفرنسا أو بريطانيا العظمى ورغم ذلك ليست من أراضي الناتو. وأثناء تقسيم ألمانيا إلى دولتين بحكم الأمر الواقع، جمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية) وجمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية)، انطبقت معاهدة الناتو فقط على الجزء الغربي من ألمانيا، أي الجمهورية الاتحادية بينما كانت جمهورية ألمانيا الديمقراطية عضوًا في حلف وارسو، التحالف العسكري بقيادة الاتحاد السوفيتي.
كثير من أعضاء الناتو لا يوافقون على ذلك
والسؤال المطروح على الأرجح هو عما إذا كانت هناك إرادة سياسية بين شركاء الناتو، وخاصة العضو الأكثر أهمية، الولايات المتحدة الأمريكية، لقبول أوكرانيا الحرة. فمثلا، هناك سياسيون أمنيون ألمان يحذرون من أن مخاطر الانجرار إلى الصراع العسكري بسبب هجوم روسي آخر على أوكرانيا ستكون مرتفعة جدا. وخلال زيارته لأوكرانيا يوم الاثنين (الثاني من ديسمبر/ كانون الأول)، أوضح المستشار أولاف شولتس مرة أخرى أنه يرفض انضمام أوكرانيا الفوري إلى التحالف.
لكن الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ لديه رأي آخر. فقد قال بعد وقت قصير من تركه منصبه في أكتوبر/تشرين الأول، إن قبول معظم أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي بسرعة قد يؤدي إلى نهاية للحرب. وقال ستولتنبرغ لصحيفة فايننشال تايمز في أكتوبر/تشرين الأول: "حيثما توجد الإرادة، توجد طرق لإيجاد حل. لكن هناك حاجة إلى حدود تحدد نطاق تفعيل المادة الخامسة، ويجب على أوكرانيا السيطرة على المنطقة بأكملها حتى هذه الحدود". كما يمكن لفرنسا وبولندا ودول البلطيق أن تتصور عضوية جزئية لأوكرانيا بالناتو.
يصعب معرفة حسابات ترامب
وقد طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارًا وتكرارًا بضمانات أمنية من الناتو كجزء من "خطته للنصر". ووفقاً للواء الألماني كريستيان فرويدينغ، رئيس هيئة التخطيط والقيادة بالجيش الألماني، فإن أوكرانيا تقف و"ظهرها للحائط" (كناية عن وقوعها في محنة كبيرة) ولهذا السبب، يمكن لزيلينسكي أن يتخيل التخلي عن إعادة استرداد الأراضي التي تحتلها روسيا في الوقت الحالي. وكان الرئيس الروسي بوتين قد طالب أوكرانيا بعدة أمور من بينها عدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، ولو جزئيا. ومن غير المؤكد كيف ستتصرف الإدارة الأمريكية الجديدة في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلاً عن مصادر قريبة من الرئيس القادم، أن ترامب قد يرغب في "تأخير عضوية أوكرانيا لمدة 20 عامًا". ومن غير الواضح كيف سينفذ ترامب إعلانه عن "قدرته" على إنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
مارك روته: أسلحة أكثر ومناقشات أقل
وفي اجتماع وزراء خارجية دول الناتو في بروكسل الثلاثاء (الثالث من ديسمبر/ كانون الأول)، قال الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي مارك روته إن أوكرانيا لا تحتاج إلى مناقشات جديدة حول سبل وقف إطلاق النار، بل المزيد من الأسلحة والمزيد من الدفاع الصاروخي.
وأوضح روته: "أوكرانيا لا تحتاج إلى أن يكون لديها باستمرار أفكار جديدة لعملية السلام، لكننا بحاجة إلى التأكد من أن أوكرانيا لديها ما تحتاجه لتكون في وضع قوي". ومن موقع القوة هذا، يتعين على أوكرانيا أن تتفاوض مع روسيا المعتدية.
أعده للعربية: صلاح شرارة