المهاجرون وجرائم العنف في ألمانيا.. صورة مشوهة تعيق الاندماج
١١ ديسمبر ٢٠١٩توصلت دراسة حديثة إلى أن وسائل الإعلام الألمانية تساهم في إعطاء صورة مشوهة عن الجرائم، التي يكون مرتكبوها من ذوي الأصول الأجنبية. وخلصت هذه الدراسة الصادرة عن جامعة ماكروميديا الألمانية الخاصة إلى أن الجرائم التي يرتكبها أشخاص من ذوي أصول أجنبية لا يتم التقليل من شأنها أو التعتيم عليها من طرف وسائل الإعلام كما يٌعتقد، بل على العكس من ذلك تعرف تضخيما إعلاميا مبالغا فيه.
وقام المشرفون على الدراسة بتحليل محتوى تقارير تلفزيونية لعام 2019 ومقارنته ببيانات بحوث تلفزيونية تعود لعامي 2014 و2017. وجاءت نتائج المقارنة على النحو التالي:
في عام 2014 لم تلعب أصول مرتكبي جرائم العنف دورا كبيرا في التقارير الإعلامية، حيث بلغت نسبة التقارير التلفزيونية التي أشارت لأصول المشتبه فيهم 4.8 في المائة فقط.
بينما بلغت هذه النسبة في التقارير الإخبارية لعام 2019 أكثر من 31 في المائة، أي أنها تضاعفت بمعدل النصف مقارنة بعام 2017 التي بلغت فيه هذه النسبة 17.9 في المائة.
وتعكس هذه النتائج صورة مشوهة، حسب المشرفين عن دراسة جامعة ماكروميديا الخاصة، إذا ما تمت مقارنتها مع إحصائيات الجرائم الصادرة عن الشرطة الألمانية. ففي عام 2018 بلغ عدد الموقوفين بسبب جرائم العنف من أصول ألمانية ضعف نظرائهم من ذوي الأصول الأجنبية، أي أن التقارير التلفزيونية سلطت الضوء في المتوسط على ثمان جرائم نفذها مهاجرون مقابل جريمة واحدة كان وراءها مشتبه به من أصول ألمانية.
كريم الواسطي، خبير في شؤون الهجرة واللجوء وعضو مجلس شؤون اللاجئين في ولاية ساكسونية السفلى، يرى أن هذا الاتجاه "يصب ولو بغير قصد في أجندة اليمين الشعبوي أو المتطرف الذي يحاول رسم صورة داخل المجتمع الألماني تفيد أن الأجانب واللاجئين يشكلون عنصر خطر أو قنابل موقوتة ولديهم قابلية ممارسة العنف الإجرامي".
تقارير أحادية الجانب
وتٌظهر الدراسة أن التقارير التلفزيونية التي تتحدث عن اللاجئين أو المهاجرين غالبا ما تكون أحادية الجانب، حيث تتناول 34.7 في المائة من التقارير التلفزيونية التي تخص هذه الفئة مرتكبي جرائم العنف.
وفيما تبلغ نسبة تغطية جرائم العنف من مجموع أخبار اللاجئين والمهاجرين 28.2 في وسائل الإعلام العامة، تصل هذه النسبة إلى 38.7 في المائة في وسائل الإعلام الخاصة. وتشير الدراسة أيضا إلى أن ذكر أصول مرتكبي جرائم العنف غالبا ما يقتصر على المشتبه فيهم من ذوي الأصول الأجنبية.
ويعتبر الواسطي في مقابلة مع DW عربية أن "ذلك يخالف توصيات العديد من الهيئات الصحفية التي تشدد على عدم ذكر أصول الجناة إلا لأسباب موضوعية"، معتبرا خلاف ذلك "نوعا من التشهير بفئة معينة وتعريض حياة المنتسبين إليها للخطر".
تولد انطباع خاطئ
كلام الواسطي يسير في نفس الاتجاه الذي ذهبت إليه جامعة ماكروميديا الألمانية، التي وصفت نتائج دراستها بـ"الخطيرة"، خاصة فيما يتعلق بجرائم الطعن بالسكين، حيث يتولد الانطباع أن هذه الجرائم تٌرتكب فقط من طرف فئة المهاجرين أو اللاجئين.
ويقول الواسطي، الخبير في شؤون الهجرة واللجوء، إن "هذا الوضع يعيق بكل تأكيد عملية اندماج اللاجئين والمهاجرين داخل المجتمع الألماني في ظل جو يغذي الكراهية تجاههم".
ووفقا لتقرير صادر عن شرطة ولاية السار (زارلاند)، فإن الأسماء الأكثر شيوعا لمرتكبي جرائم الطعن بالسكين هي ميشائيل ودانييل وأندرياس، لكن "في التقارير التلفزيونية تكون أسماء المشتبه فيهم بارتكاب جرائم الطعن بالسكين سيد وعلاء أو أحمد"، يقول المشرفون على الدراسة، الذين يؤكدون أيضا على أن "أصول مرتكبي هذه الجرائم نادرا ما تتم الإشارة إليها عندما يتعلق الأمر بالألمان".
يشار إلى أن الدراسة شملت أيضا فحص الصحف الألمانية اليومية الكبرى. وقد تبين أن الصحف تشير إلى أصول المشتبه بهم في جرائم العنف بشكل أكبر مقارنة مع التقارير التلفزيونية، حيث تصل نسبة هذه التقارير إلى 44.1 في المائة.
ع.ش