1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"فيلق أفريقيا" ـ روسيا تعيد ضبط استراتيجيتها بالقارة السمراء

١٨ فبراير ٢٠٢٤

مجموعة فاغنر كانت تخدم مصالح روسيا في أفريقيا، بشكل غير رسمي. ولكن بعد التخلص منها، انتهجت موسكو استراتيجية جديدة من خلال التواجد العسكري المباشر في أفريقيا، حيث يلقى التواجد الروسي ترحيبا من قبل أنظمة تدير ظهرها لغرب.

https://p.dw.com/p/4cF1w
 بوتين يستقبل زعيم المجلس العسكري في بوركينا فاسو، إبراهيم تراوري، في قمته الروسية الإفريقية في سان بطرسبرغ في يوليو/تموز 2023.
بوتين يستقبل زعيم المجلس العسكري في بوركينا فاسو، إبراهيم تراوري، في قمته الروسية الإفريقية في سان بطرسبرغ في يوليو/تموز 2023.صورة من: Alexander Ryumin/dpa/Tass/picture alliance

أصبحت العلاقات القوية بين بوركينا فاسو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحة، إذ قررت موسكو قبل أيام دعم قادة الانقلاب العسكري في البلاد عن طريق إرسال 100 من القوات العسكرية إلى واغادوغو، حتى مع استمرار الحرب المكلفة لروسيا على أوكرانيا.

وفقًا لمنشور على تلغرام، يفترض أن يساعد هؤلاء الجنود في حماية زعيم الانقلاب إبراهيم تراور والسكان من "الهجمات الإرهابية". لكن مع وصولهم، كان واضحًا أنهم سيتولون زمام الأمر من مجموعة المرتزقة فاغنر، التي كان يقودها يفغيني بريغوجين، الذي توفي في تحطم طائرة غامض في أغسطس/آب الماضي.

ومع ذلك، ستكون الوحدة الجديدة تحت اسم "فيلق أفريقيا"، وعلى عكس فاغنر، ستكون تابعة بشكل مباشر لوزارة الدفاع الروسية. وسيتم أيضاً إرسال 200 جندي آخر قريبًا إلى المنطقة، وفقًا لرسالة تلغرام.

إشادة بالجنود الروس

قام مؤيدو الانقلاب في واغادوغو بالإشادة بوصول الجنود الروس. وقال نستور بوداسي، زعيم حركة مقربة من الانقلاب، الذي كان من بين أوائل من قاموا بنشر صور للجنود الروس عند وصولهم: "إنهم هنا لتدريب رجالنا على التعامل مع الأسلحة التي طلبتها الدولة".

حتى بالنسبة للكثيرين الذين ليس لديهم علاقات بالانقلاب، أو حتى قد يعارضون الديكتاتورية العسكرية، قد يكون وصول الجنود الروس إغاثة في الوقت المناسب، فقد شهدت بوركينا فاسو ارتفاعاً في عنف التنظيمات الجهادية خلال السنوات الأخيرة، حيث تعلن بعض الجماعات ارتباطها بمجموعات إرهابية كتنظيمي "الدولة الإسلامية" والقاعدة.

يُنظر كذلك إلى شحنات المساعدات مإلى البلدان الأفريقية على أنها وسيلة لروسيا لممارسة القوة الناعمة في المنطقة.
يُنظر كذلك إلى شحنات المساعدات مإلى البلدان الأفريقية على أنها وسيلة لروسيا لممارسة القوة الناعمة في المنطقة.صورة من: FANNY NOARO-KABRE/AFP

هذه الجماعات لديها أيضاً تحالفات إقليمية مع مجموعات متمردة جهادية في الدول المجاورة، كمالي والنيجر، التي تعيش تحت وطأة الانقلابات العسكرية.

زيادة نفوذ روسيا الإقليمي

من خلال نشر جنود جيشه النظامي في منطقة الساحل، يُظهر بوتين مرة أخرى نفوذه في القارة السمراء، وخاصة في غربه. وحسب المؤرخة الروسية إيرينا فيلاتوفا، وهي أستاذة فخرية في جامعة كوازولو ناتال في جنوب أفريقيا، فإن الوحدات جديدة ستنتشر في خمس دول إفريقية: بوركينا فاسو، ليبيا، جمهورية أفريقيا الوسطى، مالي والنيجر.

وتقول فيلاتوفا لـDW: "بوتين مهتم للغاية بأفريقيا، خاصة غرب أفريقيا. وفقًا للسرد الغربي، فإن روسيا معزولة. ولكن بوتين يمكنه أن يظهر أن أفريقيا تدعمه"، لافتة أنه من حيث الترتيبات الأمنية، فروسيا هي الشريك الجديد لهذه الدول، بينما ترى روسيا المنطقة كآلية للشأن الخارجي.

"الفيلق الأفريقي".. "فاغنر" روسية رسمية انطلاقًا من ليبيا!

كانت هذه الدول الخمسة معتادة على رؤية وجود روسي منذ سنوات، من خلال مجموعة فاغنر التي كانت تدعم السلطات في مواجهة الجهاديين. وساعدت هذه المجموعة روسيا على تقوية نفوذها الاقتصادي في المنطقة.

إعادة ضبط استراتيجية روسيا

كان الكرملين سريعا في إعادة ضبط استراتيجيته في أفريقيا بعد سقوط مجموعة فاغنر، وتحديدا منذ أن قام بريغوجين بتنظيم تمرد قصير ضد موسكو. بعد عدة أشهر، ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية أنه في قناة تلغرام قريبة من وزارة الدفاع الروسية، تم تداول اسم "فيلق أفريقيا" للمرة الأولى.

يُعتقد أن بعض الجنود في الوحدة الجديدة كانوا مرتزقة فاغنر سابقين، تقول فيلاتوفا، بينما تم تجنيد آخرين من القوات الموجودة سلفًا في هذه المناطق.

"تخدم التدخلات الروسية، سواء كان في النيجر، مالي أو بوركينا فاسو، أساساً حماية الأنظمة وبدرجة أقل محاربة المتشددين الجهاديين"، يقول الجنرال دومينيك ترانكاند، محلل عسكري فرنسي، لـDW

منذ الانقلاب في بوركينا فاسو سبتمبر 2022، ابتعد الجناح الحاكم عن حليفة البلاد السابقة فرنسا التي أبقت على علاقات وثيقة بعد إنهاء استعمارها للبلاد في عام 1960.

الآن بعد طرد النظام الحاكم للقوات الفرنسية، فقد عزز بوركينا فاسو علاقاتها مع روسيا. وفي الآونة الأخيرة، أعربت كل من بوركينا فاسو والنيجر ومالي أيضاً عن انسحابها من المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، اختصارا إكواس، وهو التكتل الذي يتلقى دعماً من الغرب.

مكاسب أخرى لبوتين

لكن هذه ليست مجرد حالة تبادل الشركاء من أجل زواج مريح في الساحة الاقتصادية. الشراكة بين روسيا والدول الإفريقية قد تحقق مكاسب سياسية مهمة أخرى لبوتين. وتقول فيلاتوفا بأنه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وربما حتى في مجلس الأمن، "قد تتمكن هذه الدول من التصويت لصالح روسيا، وتحفيز دول أفريقية أخرى على اتباع هذه الخطوة".

بمعنى آخر، فإن النفوذ الذي يتزايد لدى بوتين في منطقة الساحل الإفريقي قد لا يكون مقتصرا فقط على المنطقة نفسها، على الرغم من المصالح الاقتصادية الروسية في ثروات الساحل.

ومن ذلك جمهورية أفريقيا الوسطى، التي قرّرت عام 2018 تكثيف العلاقات مع روسيا، وتوقيع اتفاقية دفاع معها، ما ساهم في نشر مجموعة فاغنر حينها في البلاد. الخطوة التالية قد تكون افتتاح قاعدة عسكرية رسمية روسية جنوب البلاد، مجهزة لتلبية احتياجات 10,000 جندي.

وفقًا لفيديل جواندجيكا، وزير ومستشار في رئاسة جمهورية افريقيا الوسطى، فإن القاعدة ستكون مركزاً للأنشطة في المنطقة بأكملها نظرًا لموقعها الاستراتيجي.

ويقول: "نتمنى أن ترفع روسيا من وجودها في جمهورية أفريقيا الوسطى لتكون قادرة على التدخل في حال ظهرت مشاكل مع الإرهاب أو من يرغبون في تقويض نظام الحكم في وسط أفريقيا"، مضيفًا أن بلاده كانت مستعدة للبدء في بناء القاعدة.

من جانبه، يصف الناشط في مجال حقوق الإنسان بول كريسنت بينينجا الخطة الخاصة بجمهورية أفريقيا الوسطى بأنها تناقض، ويقول لـDW: "لدينا انطباع أننا قد قمنا فقط بتغيير الحكام. تركنا فرنسا فقط لننحني أمام روسيا".

أعده للعربية: ع.ا