رحيل مفاجئ لصانع مجد السينما الألمانية بيرند آيشنغر
٢٦ يناير ٢٠١١"الفيلم الذي ليس له مشاهدون ليس فيلما" بهذه العبارة لخص المخرج والمنتج السينمائي الراحل بيرند آيشنغر فلسفته السينمائية، ومن هذا المنطلق كانت تجربته مع الفيلم، والتي جعلت مسيرته السينمائية مكللة بنجاحات متواصلة.
توفي آيشنغر مساء الإثنين (24 /01 /2011 ) بشكل مفاجئ إثر نوبة قلبية خلال تناوله طعام العشاء مع أسرته وأصدقائه في لوس أنجلوس، عن عمر ناهز الواحد والستين.
ولد بيرند آيشنغر عام 1949 في نويبروغ على ضفاف الدانوب ابنا لطبيب في الريف. بعد نيله الشهادة الثانوية في ميونيخ تقدم للدراسة في المعهد العالي للسينما بفيلم دعائي يحمل عنوان "الشمس أشرقت لأنه لم يكن لديها خيار آخر" ونجح في الامتحان. خلال دراسته التي دامت ثلاث سنوات قام بإخراج العديد من الأفلام القصيرة، وعمل كمشرف على التسجيلات الصوتية في استوديو بافاريا، وقام أيضا بالإنتاج وكتابة سيناريو الأفلام.
حياته وأعماله
في عام 1974 أسس شركته سولاريس لإنتاج السينمائي وأنتج العديد من الأفلام، بينها "ساعة الصفر" لـ إدغار رايتس، وفي عام 1974 اشترى 25 % من شركة كونستانتين للفيلم في بافاريا. وكان أول فيلم أنتجه فيها "كريستيانه ف، نحن أطفال من محطة حديقة الحيوانات"، الذي أصبح أنجح فيلم عالمي ناطق بالألمانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وأنتج آيشنغر أفلاماً عالمية ضخمة مثل فيلم " قصة بلا نهاية" للمخرج فولفغانغ بيترسن، وفيلم "اسم الوردة " الذي قام شون كونوري بدور البطولة فيه، وفيلم "بيت الأشباح" مع المخرج بيل أوغوست وبطولة ميريل ستريب. وفي عام 1996 بدأ خوض غمار الاخراج السينمائي من خلال فيلم "الفتاة روز ماري"، وقام بدور مساعد مخرج في فيلم "لا مكان في إفريقيا" الذي حصل على الأوسكار كأفضل فيلم غير ناطق بالإنكليزية.
وفي السنوات الأخيرة وسع آيشنغر نشاطه في كتابة السيناريو. فكتب في عام 2003 سيناريو فيلم "السقوط" الذي أنتجه عام 2004، والذي يصور آخر أيام الديكتاتور هتلر. ورشح هذا الفيلم 2005 للأوسكار. وفي عام 2006 وضع آيشنغر سيناريو فيلم "العطر، قصة قاتل"، الذي يحمل اسم القصة الشهيرة للأديب زوسكيند، وفي عام 2007 كتب سيناريو فيلم "عقدة بادر ماينهوف"، الذي عرض 2008 في دور السينما الألمانية ورشح 2009 للأوسكار. وفي السنة نفسها أخرج آيشنغر فيلم "الأزمنة تتغير" حول نجم الراب الألماني بوشيدو.
نجاح متواصل
هذا ولاقت أفلام آيشنغر شعبية واسعة وشاهدها في المناطق الناطقة بالألمانية حوالي 70 مليون شخص. وآيشنغر هو من مؤسسي أكاديمية الفيلم وجائزة النشىء الجديد التي تمنحها. وكان قبيل وفاته يحضر لإنتاج فيلم عن الفتاة ناتاشا كامبوش، التي اخُتطفت في طريقها إلى المدرسة وهي في سن العاشرة، وبقيت أسيرة خاطفها ثماني سنوات، حيث تمكنت بعد ذلك من الفرار، فدونت قصتها في كتاب.
وعندما سئل آيشنغر قبل سنتين عن مشاعره بمناسبة ترشيح أحد أفلامه للأوسكار قال: "نحن مرشحون للأوسكار كصانعي الفيلم، ولا يمكن تحصيل أكثر من ذلك، إنه أرفع وسام على الإطلاق"
ترك بيرند آيشنغر بصماته على عالم السينما الألمانية بشكل لم يفعله أي شخص آخر قبله، وحصل أكثر من عشر مرات على جائزة الفيلم الألماني، وكان من بين صناع الفيلم الألمان القليلين الذين ثبتوا أقدامهم في هوليود. أما اليوم وقد رحل، فسيترك فراغا في عالم السينما الألمانية لن يكون من السهل ملؤه في وقت قريب.
منى صالح
مراجعة: عارف جابو