سباق خليجي لمنح الإقامات الدائمة.. ما الدوافع؟
٢٢ مايو ٢٠١٩بعد أسبوع من قرار سعودي بإنشاء نظام خاص لمنح الإقامة الدائمة يحمل اسم "نظام البطاقة المميزة"، أطلقت الإمارات، يوم الثلاثاء (21 أيار/مايو)، نظام إقامة دائمة أسمته "نظام البطاقة الذهبية"، وذلك بعد شهور من إصدار قطر أول قانون للإقامة الدائمة بين دول الخليج في أيلول/سبتمبر الماضي.
هذا السباق الخليجي لمنح الإقامات الدائمة، خصوصاً للمستثمرين، يثير التساؤلات عما إذا كانت أسبابه اقتصادية بحتة أم أن له أبعاداً سياسية تتعلق بالنزاع الخليجي بين السعودية والإمارات وحلفائهما من جهة وبين قطر من جهة أخرى.
فقد أعلنت الإمارات أنها ستمنح 6800 مستثمر أجنبي إقامة دائمة، بعدما بلغ إجمالي استثماراتهم فيها 100 مليار درهم (27 مليار دولار). وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، إن هذه الإقامة "للمستثمرين وللكفاءات الاستثنائية في مجالات الطب والهندسة والعلوم وكافة الفنون".
"تعزيز التنافسية واستقطاب المستثمرين"
كما وافق مجلس الوزراء السعودي (14 أيار/مايو) على نظام إقامة خاص مماثل لأنظمة البطاقة الخضراء المطبق في دول أخرى باسم "نظام البطاقة المميزة". وقالت وسائل إعلام محلية إن النظام الجديد سيسمح للأجانب الأثرياء والمهرة بالاختيار بين إقامة محددة قابلة للتجديد أو إقامة دائمة مقابل رسوم عالية تدفع مرة واحدة.
وذكر وزير التجارة والاستثمار ماجد بن عبد الله القصبي أن نظام الإقامة الجديد "سيعزز من التنافسية وسيمكن المملكة من استقطاب مستثمرين وكفاءات نوعية"، مضيفاً في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية أن هذا النظام "يحد من ظاهرة التستر أو الاقتصاد الخفي". وقالت الوكالة السعودية الرسمية إنه يتم حالياً "استكمال إعداد اللائحة التنفيذية للنظام خلال 90 يوماً لتحديد شروط وإجراءات التقدم".
أما في قطر، وإلى جانب منح الإقامة الدائمة فيها على أساس الإقامة الطويلة أو الزواج، فسيتم منح الإقامة الدائمة أيضاً لمالك أي عقار لا تقل قيمته عن مليون دولار. وبحسب وزارة الداخلية القطرية فإن الإقامة الدائمة "تكريم للمقيمين على أرض الدولة والاستفادة من كفاءاتهم وخبراتهم".
"أبعاد سياسية"
ويرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن منح الإقامة الدائمة للمستثمرين في بعض الدول الخليجية هدفه تقديم الاغراءات لهم بالبقاء، ويضيف لـ DW عربية: "الدول الخليجية تسعى إلى تنويع مصادر دخلها بعد أن بدأت تخشى من فقدان مكانتها النفطية، ولذلك فهي تسعى إلى جذب المستثمرين من خلال تقديم محفزات مختلفة لهم، ومنها الإقامة الدائمة".
ويعتقد عايش أن هناك أبعاداً سياسية أيضاً للسباق الخليجي في منح الإقامات الدائمة، ويتابع: "من الواضح أن هناك تنافساً في موضوع منح الإقامة الدائمة، فقد يكون المستثمرون الموجودون في دولة خليجية معينة عرضة للإغراءات التي تقدمها دول أخرى منافسة لها، خصوصاً بعد الأزمة الخليجية".
ويضيف عايش: "لا أستبعد أن تكون القرارات الاقتصادية للدول الخليجية المتنازعة معتمدة على مواقفها السياسية، بما في ذلك قرار منح الإقامة الدائمة للمستثمرين أو لغيرهم، فكل دولة تحاول تسجيل نقاط على حساب الدول الاخرى".
لكن الكاتب والباحث السعودي سالم اليامي يعتقد أن منح الإقامات ليس له بعد سياسي أو وليس على علاقة بالأزمة الخليجية، ويضيف لـDWعربية: "هدف منح الإقامة الدائمة في السعودية هو فقط تشجيع المستثمرين على البقاء وقد كان هذا جزءاً من رؤية 2030 حتى قبل حصار قطر".
"موضوع اقتصادي بحت"
من جانبه يؤيد مروان قبلان، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في الدوحة، الرأي القائل بأن منح الإقامة الدائمة للمستثمرين في الدول الخليجية هو "موضوع اقتصادي بحت"، ويضيف في حديث لـ DWعربية: "الدول التي تمنح الإقامة الدائمة تركز على تنشيط سوق العقارات، ولذلك تجد أن جميعها تمنح إقامات مقابل شراء عقار".
إلا أن قبلان لا يرى أيّ علاقة بين مسألة منح الإقامات الدائمة والأزمة الخليجية، فيقول: "منذ انهيار أسعار النفط والدول الخليجية تسعى لتنويع مصادر دخلها، ومن أجل ذلك تعيد النظر في الكثير من القوانين والإجراءات فيها، ومنها فرض الضرائب ومنح الإقامة الدائمة".
أما عن تأثير منح الإقامة الدائمة على جذب المستثمرين، فيقول الخبير الاقتصادي حسام عايش: "هذا الأمر منوط بالآفاق المتاحة أمامهم ومدى مناسبتها لتطلعاتهم وطموحاتهم فيما يتعلق بمعاملاتهم التجارية مع هذه الدول"، ويضيف: "إذا لم تكن الفرص الاستثمارية المتاحة هي التي يتطلعون إليها خلال السنوات القادمة، قد تصبح مسألة منح الإقامة الدائمة مجرد عملية تجميل لتشريعات الإقامة المعمول بها حتى الآن أ, حتى عهد قريب، أكثر من أن تكون حافزاً لعملية استثمارية مستدامة".
جدل على وسائل التواصل
وقد أثارت قرارات منح الإقامة الدائمة في الدول الخليجية ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، بين من رأى أن "السعودية اتبعت قطر في ذلك".
وبين معترضين عليها
ومرحبين بها
محيي الدين حسين