1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عاصمة الثقافة الأوربية – من فكرة بسيطة إلى حدث ثقافي

٢ يناير ٢٠١٢

يسعى الاتحاد الأوربي من خلال اختيار مدينة أو أكثر عاصمة للثقافة الأوربية، إلى التعريف بمختلف الهويات الثقافية في القارة. ولكن كيف نشأت هذه الفكرة قبل سبعة وعشرين عاما، وما هي خلفياتها، وكيف تحولت إلى مناسبة ثقافية كبيرة؟

https://p.dw.com/p/13cdV
البالون الأصفر- احد المشاريع التي نفذت خلال اختيار منطقة الرور عاصمة للثقافة الأوربيةصورة من: picture-alliance/dpa

في بداية عام 1985 التقت وزيرة الثقافة اليونانية آنذاك ميلينا ميركوري بزميلها الفرنسي جاك لانغ في أحد المطارات الأوربية لدى تبديل طائرتها. وبعد حوار شيق بينهما، استطاعت ميركوري أن تبلور فكرتها التي تقضي بتتويج مدينة كل عام لتكون عاصمة الثقافة الأوربية. وكانت الوزيرة اليونانية تسعى من خلال ذلك إلى التأسيس لمشروع أوربي دائم ومميز خلال فترة الرئاسة الدورية لبلادها للاتحاد الأوربي. وقالت ميركوري في لقاء لها مع دويتشه فيله عام 1985 "إنني أؤمن بالتبادل الثقافي، ولا أرى بأنه يجب يكون هناك اتحاد للبطاطا والطماطم فقط، وإنما يجب أن يكون هناك تبادل للعمال والفن أيضاً".

أثنيا أول عاصمة للثقافة الأوربية

لم تتأخر الوزير اليونانية ولم تتلكأ في تنفيذ فكرتها وترجمت أقوالها إلى أفعال، باختيار عاصمة بلادها أثينا كأول عاصمة للثقافة الأوربية. وتنفيذ الفكرة لم يستغرق سوى بضعة أسابيع خلال صيف 1985 حيث تم التحضير خلالها للنشاطات والفعاليات الثقافية التي عرضت خلال فترة اختيار أثنيا عاصمة للثقافة الأوربية، ولتتبعها بعد ذلك فلورنسا وامستردام وبرلين وباريس.

Parthenon Tempel auf der Akropolis in der griechischen Hauptstadt Athen FLASH-Galerie
أثنيا مهد الالعاب الاولمبية تم اختيارها اول عاصمة للثقافة الاوربية عام 1985صورة من: picture-alliance/ZB

لكن التحول الكبير جاء مع اختيار غلاسكو عام 1990، ولتتحول بعد ذلك عملية اختيار المدينة إلى ما يشبه عملية اختيار المدن لاحتضان الألعاب الأولمبية. حيث أصبح الاختيار يتم على عدة مراحل، تعرض خلالها المدينة المعنية مشروعها الذي يتضمن العروض والنشاطات والفعاليات التي ستنفذ خلال فترة اختيارها عاصمة للثقافة الأوربية.

في عام 2004 حين انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوربي وأصبح عدد دول الاتحاد 27 دولة، قرر مجلس وزراء الثقافة في الاتحاد الأوربي اختيار مدينتين على الأقل كل عام لتصبحا عاصمة الثقافة الأوربية، نظراً للعدد الكبير للدول، ولكي لا تنتظر دول شرقي أوربا (الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوربي) طويلا حتى يتم اختيار إحدى مدنها عاصمة للثقافة الأوربية.

في البداية كانت الفعاليات تقتصر على عدة حفلات ومعارض. لكن بعد عدة سنوات أصبحت تقام مئات الفعاليات والنشاطات الثقافية في المدينة التي يتم اختيارها. ويسعى الاتحاد الأوربي إلى عدم اقتصار تأثير لقب "عاصمة الثقافة الأوربية" على عام واحد فقط، وإنما أن يساهم ذلك في تفعيل وتنشيط الحياة الثقافية في المدينة بعد ذلك أيضاً، إذ يقول جون ماكدونالد، المتحدث باسم مفوض الاتحاد الأوربي للشؤون الثقافية، "حتى بعد مضي العام، ينبغي أن تستمر الفعاليات. والاستمرارية هي أحد الشروط التي يتم مراعاتها لدى اختيار المدينة".

الثقافة كعامل اقتصادي

المشاريع المناسبة، مثل ترميم المراكز الثقافية أو تحويل المنشآت الصناعية المهجورة إلى أماكن لإقامة النشاطات الثقافية أو حتى بناء مراكز وصروح ثقافية جديدة، كلها تساهم في استمرارية تأثير لقب العاصمة الثقافية حتى بعد مضي فترة العام المحددة لذلك. فمدينة ليل الفرنسية التي اختيرت عام 2004 لتكون عاصمة أوربا الثقافية، حولت 12 منشأة صناعية سابقة إلى مراكز ثقافية. وفي لوكسمبورغ تم عام 1995 بناء متحف جديد للفن الحديث، وهو "ما يعتبر مثالاً للمشاريع التي تبنى خصيصا بمناسبة اختيار المدينة عاصمة للثقافة" حسب ماكدونالد.

Flash-Galerie Guimaraes Europas Kulturhauptstadt 2012
مدينة غيماريش البرتغالية تم اختيارها الى جانب ماريبور السلوفينية عاصمة للثقافة الاوربية عام 2012صورة من: Central de Informação Guimaraes

وتشير دراسة للمفوضية الأوربية، إلى أن المدن التي يتم اختيارها تستفيد من لقب "عاصمة الثقافة الأوربية". ويقول المؤرخ الألماني يورغن ميتاغ، الباحث في معهد الحركات الاجتماعية، إن مبادرة "عاصمة الثقافة الأوربية" تحولت إلى مناسبة كبيرة جدا، فلدى اختيار منطقة الرور في غرب ألمانيا عام 2010 عاصمة للثقافة الأوربية، شاركت 53 مدينة في آلاف الفعاليات والنشاطات الثقافية في ذلك العام و"لم يبق الأمر في نطاق مجرد فعاليات ونشاطات صيفية تساهم في تعزيز الهوية الأوربية فقط، وإنما أصبح حدثاً اقتصادياً وإعلامياً ضخماً يحشد كل المنطقة، وأصبح ضخماً جداً بشكل لم يكن تخيله ممكناً عام 1985".

وباتت ميزانيات ضخمة تخصص للفعاليات، إذ تم رصد 65 مليون يورو لدى اختيار منطقة الرور (غرب ألمانيا) عاصمة للثقافة الأوربية عام 2010 ساهمت في تأمينها فيها مدن المنطقة ومتبرعون، أما الاتحاد الأوربي فساهم بـ 1,5 مليون يورو. ولكن لا يمكن لكل مدينة أن تخصص ميزانية ضخمة كهذه. فمدينة ماريبور السلوفينية التي تم اختيارها عاصمة للثقافة الأوربية إلى جانب مدينة غيماريش البرتغالية لعام 2012، خصصت فقط 16 مليون يورو، إذ مازالت سلوفينيا تعاني من الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.

وعلى المدينة التي تريد نيل شرف لقب "عاصمة الثقافة الأوربية" أن تنتظر عدة سنوات، وتقدر فترة الانتظار وعملية الاختيار بنحو 6 سنوات. ومجلس وزراء الثقافة في الاتحاد الأوربي هو المسؤول عن اختيار المدينة المعنية في عملية اقتراع سرية.

برند ريغرت/ عارف جابو

مراجعة: أحمد حسو