1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فولكسفاغن أمام تراجع المبيعات وصعوبة مواجهة المنافسة الصينية

١٢ أكتوبر ٢٠٢٤

فولكسفاغن تبيع عدداً أقل من السيارات وعليها التوفير وربما إغلاق بعض مصانعها. لكن العمال يريدون المزيد من المال والأمان. فهل تتمكن أكبر شركة لصناعة السيارات في ألمانيا من تجاوز أزمتها؟

https://p.dw.com/p/4lXmk
فولكسفاغن حولت مصنها في مدينة ايمدن إلى إنتاج السيارات الكهربائية، ومع ذلك فإن المصنع مثل غيره لا يعمل بكامل طاقته لقلة الطلب على السيارات الألمانية
فولكسفاغن حولت مصنها في مدينة ايمدن إلى إنتاج السيارات الكهربائية، ومع ذلك فإن المصنع مثل غيره لا يعمل بكامل طاقته لقلة الطلب على السيارات الألمانيةصورة من: Sina Schuldt/dpa/picture alliance

تفتقر شركات تصنيع السيارات الألمانية إلى الزبائن. ففي النصف الأول من العام الجاري 2024، انخفض حجم المبيعات  بنسبة 4.7 في المائة، مقابل مبيعات قياسية قبل عام. كما  انخفض شراء السيارات الكهربائية منذ بداية العام. وقد اضطرت فولكسفاغن وشركة بورشه للسيارات الرياضية، وبي ام دبليو ومرسيدس وستيلانتس (الشركة الأم لأوبل) إلى خفض توقعاتها للسنة المالية الحالية.

ويثير وضع فولكسفاغن على وجه الخصوص ضجة كبيرة بسبب المكانة الخاصة للمجموعة ليس بسبب حجمها وحسب، فهي ثاني أكبر شركة مصنعة للسيارات في العالم - ولكن أيضًا بسبب علاقتها بالسياسة. فعلى الرغم من أن فولكسفاغن مدرجة في البورصة، إلا أن ولاية ساكسونيا السفلى ما زالت تمتلك 20 في المائة من أسهمها.

اتفاقية الأجور الخاصة مع  فولكسفاغن

اتبعت فولكسفاغن أسلوبا خاصًا تجاه موظفيها. فبعد الخصخصة في عام 1960 والاكتتاب العام الجزئي لم توقع  شركة فولكسفاغن  على اتفاقية تشمل تحديد الأجور على مستوى ألمانيا، بل وقعت اتفاقية خاصة بها مع نقابة عمال المعادن المعنية آي جي ميتال/ IG Metall . وكانت الأجور المتفق عليها دائمًا بالنسبة إلى عمال فولكسفاغن أعلى بكثير من المستوى المتفق عليها مع النقابة على مستوى ألمانيا. ومن ميزات الاتفاق مع فولكسفاغن أيضًا أن العاملين في فيها لديهم ضمان وظيفي لمدة ثلاثين عامًا، والذي كان من المفترض أن يستمر حتى عام 2029. وقد انتهى ذلك الآن، إذ ألغت مجموعة فولكسفاغن التي توظف 120 ألف شخص في ألمانيا عدداً من الاتفاقيات بما في ذلك الأمن الوظيفي. وقد يتم إغلاق بعض المصانع العشرة في ألمانيا.

موظفو فولكس فاغن يتظاهرون في سبتمبر/ أيلول 2024 من أجل وظائفهم ويطالبون برفع أجورهم
موظفو فولكسفاغن: هل تنتهي امتيازاتهم في أضخم شركة لتصينع السيارات على مستوى أوروبا؟ صورة من: Julian Stratenschulte/dpa/picture alliance

تراجع المبيعات وضغوط تقليص النفقات

وفي عام 2023 حققت أكبر   شركة لصناعة السيارات في ألمانيا أرباحاً تزيد على 18 مليار يورو، ودفعت أرباحاً بقيمة أربعة مليارات ونصف المليار يورو كعائدات على الأسهم.

ومع ذلك تم إطلاق برنامج للكفاءة العام الماضي بهدف توفير عشرة مليارات يورو بحلول عام 2026 من أجل تعزيز القدرة التنافسية. وتريد المجموعة الآن توفير المزيد. وفي نهاية شهر سبتمبر/ أيلول أعلنت المجموعة أن حجم المبيعات هذا العام سيصل على الأرجح إلى 320 مليار يورو، أي أقل بنحو ملياري يورو عن العام السابق.

انخفاض الإنتاج وخاصة في غرب أوروبا

وقد انخفضت مبيعات السيارات في أوروبا بشكل كبير، وهي أقل بمليوني سيارة عن مستوى ما قبل كورونا، حسب المدير المالي أرنو أنتليتز. بالنسبة  لفولكسفاغن هذا يعني أن المجموعة تبيع نصف مليون سيارة أقل. وهذا ما يوازي إنتاج مصنعين. وهي مشكلة لا تعاني منها فولكسفاغن وحدها. يقول شتيفان براتزل، مؤسس ومدير مركز إدارة السيارات في بيرغيش غلادباخ في مقابلة مع DW، إن شركات تصنيع السيارات الألمانية تعمل في المتوسط بحوالي ثلثي طاقتها الإنتاجية. ويعتمد تحقيق مصنع ما للأرباح، من بين أمور أخرى على الطراز الذي يتم تصنيعه هناك، "ولكن يمكن القول بشكل أساسي أن استغلال الطاقة الإنتاجية يجب أن يكون في الواقع أكثر من 80 في المائة"، كما يقول خبير السيارات.

زجمة السيارات على أحد الطرق السريعة في ألمانيا/ A100 / صورة من الأرشيف
تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الاتحاد الأوروبي، ما هي أضراره على صناعة سيارات الديزل والبنزين؟صورة من: Getty Images/S. Gallup

والوضع سيء بشكل خاص في أوروبا الغربية، في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة، كما ذكرت مجلة الاقتصاد الأسبوعية/ Wirtschaftswoche. وعلى النقيض من ذلك، لا تزال دول مثل إسبانيا وتركيا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك تعمل بنسبة 79 بالمائة من الطاقة الإنتاجية. والأجور في هذه البلدان أقل مما هي عليه في ألمانيا.

ارتفاع تكاليف العمالة في ألمانيا

في المقابل فإن تكاليف العمالة في المصانع الألمانية للشركة أعلى منها في أي بلد آخر. ففي عام 2023 كانت أكثر من 62 يورو للساعة، حسب رابطة الصناعة VDA. وبالمقارنة تبلغ 29 يورو في إسبانيا و21 يورو في جمهورية التشيك و12 يورو فقط في رومانيا.

وعلى الرغم من ارتفاع الأجور، لم يتم إنتاج المزيد من السيارات في أي مكان في أوروبا من حيث القيمة المطلقة في عام 2023 أكثر من ألمانيا. ومع ذلك مع اتجاه تنازلي. فقد انخفض الإنتاج الآن بنحو 25 بالمائة مقارنة بعام 2018، وفقاً لتوماس بولس من المعهد الاقتصادي الألماني آي دبليو (IW). ومن بين أكثر من أربعة ملايين سيارة تم إنتاجها، كان أقل من ربعها فقط من   سيارات كهربائية.

موديلات فاخرة كان صنعها في ألمانيا مجديا

كان الإنتاج باهظ الثمن في ألمانيا ممكناً في السابق لأن المصنَعين اعتمدوا على النماذج الفاخرة باهظة الثمن لفترة طويلة. وتم تصدير حوالي ثلاثة أرباع السيارات. وهذا يعني أنه كان بالإمكان تصنيع السيارات باهظة الثمن في ألمانيا على الرغم من ارتفاع التكاليف. وفي المتوسط، كانت واحدة من كل خمس سيارات تم تصديرها تذهب إلى الصين.

وحسب دراسة أجراها معهد الاقتصاد الألماني، لم يكن الإنتاج في ألمانيا ممكناً مع النماذج منخفضة التكلفة التي تُباع بكميات كبيرة ولكن بهامش ربح أقل. وهذا هو السبب في قيام المصنعين الفرنسيين والإيطاليين، على سبيل المثال بنقل إنتاجهم إلى مواقع أكثر ملاءمة لبعض الوقت الآن.

في الصين لم تعد نماذج فولكس فاغن الفاخرة مثيرة للاهتمام كما كانت قبل بضع سنوات
في الصين لم تعد نماذج فولكسفاغن الفاخرة مثيرة للاهتمام كما كانت قبل بضع سنواتصورة من: Pedro Pardo/AFP

ولدى خبير السيارات براتزل وجهة نظر مماثلة: "من الصعب للغاية ببساطة إنتاج سيارات بأسعار معقولة في ألمانيا، بما في ذلك السيارات الكهربائية". وفي الآونة الأخيرة حاولت شركة اي جو/ e.Go في مدينة آخن القيام بذلك وأفلست في هذه العملية.

الصين تضغط على شركات تصنيع السيارات

كما أن الأمور تزداد  صعوبة بالنسبة لمصنعي السيارات الألمان  بسبب ظهور منافسة جديدة من الصين خلال السنوات الأخيرة، ويشمل ذلك قطاع السيارات الكهربائية وكذلك السيارات الفاخرة. ويقول بولس من آي دبليو/ IW: "ما يقرب من ثلث السيارات التي يتم تصنيعها في جميع أنحاء العالم تأتي الآن من المصانع الصينية التي تنتج بأسعار أرخص بكثير مما هو ممكن هنا في ألمانيا".

وفي حين أن مصنعي السيارات الألمان ما زالوا قادرين على الاحتفاظ بمكانتهم، فإن منتجي السيارات في أوروبا الغربية الآخرين يدركون بشكل مؤلم منذ مطلع الألفية الجديدة أن المزيد من السيارات يتم إنتاجها وبيعها في آسيا - وفي  الصين على وجه الخصوص. وإذا نظرنا إلى أوروبا الغربية باستثناء ألمانيا، نجد أن إنتاج السيارات انخفض بنسبة 40 بالمائة تقريباً خلال هذه الفترة. وفي فرنسا وإيطاليا، لم يخرج من خط الإنتاج سوى نصف عدد السيارات التي كانت تُنتج في عام 2000.

كما أن التحول إلى وسائط النقل الكهربائية يعني أيضاً أن المصنعين الألمان فقدوا الميزة التكنولوجية التي كانت لديهم في مجال محركات الاحتراق. وتقول دراسة المعهد الاقتصادي الألماني: "إن التغيير التكنولوجي يفتح الباب أيضاً أمام منافسين جدد لدخول السوق، والذين تكمن كفاءاتهم الأساسية في مجال البطاريات والهندسة الكهربائية".

بالإضافة إلى ذلك كان على مصنعي السيارات أولاً اكتساب الخبرة في مجال السيارات الكهربائية، كما يوضح براتزل ويضيف: "هذا هو السبب أيضاً في أن الوضع أفضل بكثير في الصين، لأنهم اكتسبوا بالفعل خبرة أكبر بكثير ونفذوا أيضاً تحسينات مقابلة في الكفاءة".

صدمة في صفوف موظفي فولكسفاغن

تكلفة الامتثال لتخفيض ثاني أكسيد الكربون في الاتحاد الأوروبي

كما لو أن كل هذا لم يكن كافياً، فإن  مجموعة فولكسفاغن  التي تبيع سيارات البنزين بشكل أساسي في الصين، تواجه الآن خطر عدم قدرتها على الامتثال لحدود ثاني أكسيد الكربون الأكثر صرامة في الاتحاد الأوروبي. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى فرض غرامات بمليارات الدولارات. ويشير براتزل إلى أنه بدلاً من انتظار الغرامات، يمكن لشركة فولكسفاغن أيضاً استخدام الأموال لتخفيض أسعار سياراتها الكهربائية بشكل كبير من أجل زيادة مبيعاتها منها مع الامتثال للحدود، مع أن كلا الخيارين عالي التكلفة.

وفي ضوء هذه المشاكل، تريد مجموعة فولكسفاغن الآن تحقيق التوفير من خلال أجور موظفيها. ومن ناحية أخرى، تطالب نقابة عمال المعادن/ IG Metall بزيادة الأجور بنسبة 7 بالمائة للموظفين، كما تطالب بعدم التسريح الإجباري وبعدم إغلاق المصانع.

وفي أعقاب الجولة الأولى من المفاوضات، أوضحت النقابة أن إدارة   فولكسفاغن قدمت مخططات تهدف إلى التأكيد على عيوبها ومشالكها في ألمانيا. ومع ذلك فإن تكاليف الموظفين المرتفعة ليست كل شيء. وقالت النقابة إن أخطاء الإدارة وسوء التقدير الجسيم في الماضي والأعباء الناتجة عن فضيحة الديزل لم يتم ذكرها. وهذه ليست مسؤولية الموظفين.

أعده للعربية: م.أ.م

 

Insa Wrede, DW-Mitarbeiterin
إنسا فريدا محررة في القسم الاقتصادي