لبنان حكومة وفاق وطني أم حكومة إدارة التناقضات؟

استمرت المفاوضات والمشاورات بشأن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة التي أعلن ولادتها رئيسها سعد الحريري مساء أمس الاثنين 9 نوفمبر/تشرين الثاني أكثر من أربعة أشهر. والسؤال المطروح بعد هذا المخاض العسير، هل تستطيع الحكومة تجاوز الأزمة السياسية في البلاد أم ستغرق في متاهات حلها؟

الحكومة اللبنانية الجديدة تجمع بين الأكثرية والأقلية في البرلمان أو بين أقطاب الموالاة والمعارضة، كما يفضل اللبنانيون تسميتهم. وجمع التناقضات في بوتقة حكومية واحدة لا يضع بالضرورة نهاية للخلافات بين الأطراف السياسية في البلاد، لذلك فاللبنانيون يتساءلون اليوم عما إذا كانت حكومة سعد الحريري الجديدة حكومة وفاق وطني أم حكومة إدارة التناقضات.

عن ذلك يقول الكاتب والمحلل السياسي اللبناني سمير منصور إنه طالما وافق الجميع على المشاركة في الحكومة، فإن الحكومة هذه تكون ذات طابع وفاق وطني، ويضيف: "بما أن المعارضة وافقت على العمل في صفوف الحكومة فإنها لم تعد معارضة بعد. والشيء ذاته يقال عن الأكثرية أو الأغلبية التي وافقت على العمل مع المعارضة في الحكومة الجديدة، فإنها لم تعد أغلبية أو أكثرية. وعلى هذا الأساس فان الحكومة ينبغي عليها أن تكون حكومة وفاق وطني رغم استمرار تأثير العوامل الخارجية في الشأن اللبناني".

الأكثرية والأقلية اجتمعت في حكومة واحدة دون برنامج سياسي

لكن المحلل السياسي اللبناني رفيق خوري يرى عكس ذلك ويشير إلى أن اجتماع الأغلبية والأقلية في حكومة واحدة دون التوصل إلى برنامج سياسي يوحد التوجه الحكومي بشأن أزمات البلاد المتعددة، لا يكفي لإضفاء طابع الوحدة الوطنية أو الوفاق الوطني عليها. ويقول رفيق خوري: "لقد سميت الحكومة بحكومة الوفاق الوطني، حيث أضفى رئيسه سعد الحريري صفة الوحدة الوطنية عليها، لكنها ليست كذلك لأن الوفاق لم يحصل بعد بين الأطراف المشاركة فيها. كما أن لبنان يفتقر إلى وحدة وطنية مبنية على أساس التفاهم بين مكوناته ".

ويضيف رفيق خوري أن الحكومة تجمع كل ألوان الطيف السياسي في البلاد بالإضافة إلى جمعها للتناقضات الإقليمية التي تتصارع على الأرض اللبنانية وبوجوه وطنية. ويشير رفيق خوري إلى أن فترة المشاورات الحكومية التي استغرقت وقتا طويلا تناولت فقط ملف توزيع الحقائب الوزارية، أما الملفات السياسية المثيرة للجدل فقد تم تأجيلها إلى المستقبل. وهذا يعني بعبارة أخرى أن الحكومة اللبنانية الجديدة لا تحمل تصورات واضحة ومتفق عليها بشأن أزمات البلاد السياسية والأمنية، وهذا ما سيعرقل عملها في المستقبل في رأيه. رفيق خوري يعتبر حكومة سعد الحريري امتدادا لحكومة فؤاد السنيورة التي لم تقدم شيئا لحل الأزمات.

الآمال معلقة على المستقبل

وبغض النظر عما إذا كانت الحكومة الجديدة حكومة وفاق وطني أم حكومة إدارة التناقضات، يعلق الكاتب سمير منصور آماله على المستقبل و يشير إلى أن المهم الآن هو اتفاق كل الأطراف السياسية في البلاد على العمل في حكومة واحدة وعليهم الانطلاق كفريق عمل واحد يعمل من أجل لبنان وشعبه. من جانبه، يطالب رفيق خوري اللبنانيين بضرورة الانصراف لشؤونهم الداخلية إذا أرادوا إيجاد حلول لأزمات البلاد.

الكاتب: حسن ع. حسين

مراجعة: سمر كرم