مدينة البوعزيزي لا تعول كثيرا على الانتخابات وتشكو من "سرقة" ثورتها
٢٢ أكتوبر ٢٠١١َنفَس الثورة لم ينطفئ بعد في ولاية سيدي بوزيد، فالكل هنا غاضب وساخط على الأوضاع القائمة. ويبدو الإحباط هو المشهد الطاغي، فالكثيرين هنا يعتقدون أن الثورة قد "سرقت" من سيدي بوزيد. فورغم الدعوات المستمرة لعدم تنظيم الاعتصام في هذا الوقت حتى لا يعكر ذلك صفو الانتخابات، مازالت سيدي بوزيد تنتفض وتعتصم. ففي مدخل المكتب الفرعي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وجدنا بعض شباب الجهة معتصمين لعدم حصولهم على "القسط الثاني" من تمويل الحملات الانتخابية للقوائم المستقلة. أحد المنتمين لقائمة "إرادة الشعب" يشكو لدويتشه فيله من عدم وصول الجزء الثاني من التمويل لحمتهم الانتخابية، معربا عن مخاوفه من "عودة الديكتاتورية" ومتهما الحكومة بعدم "تغيير أي شيء" وبأن أعضاء الهيئة العليا للانتخابات من "بقايا النظام البائد".
قنوط هذا الشاب لا يخصه لوحده، فالكثير هنا غاضبون. زياد بوعزيزي رئيس، إحدى القوائم المستقلة، حدثنا عن صعوبات كثيرة أمام حملته الانتخابية، مشيرا إلى أن أرياف مدينة سيدي بوزيد ممتدة وهو لا يملك الإمكانيات الكفيلة بالتعريف بنفسه في تلك الأرياف. ويقول زياد لدويتشه فيله "نريد أن نعمل كشباب، لكنهم يعطلوننا عن عملنا، أنا متأكد أن الأحزاب متواطئة مع الحكومة المؤقتة ضد سيدي بوزيد، والانتخابات، في سيدي بوزيد، لن تكون نزيهة، حتما ستكون مزورة". ويشكو من أن الشباب حرموا مقارنة بالأحزاب التي تملك كل الإمكانيات للعمل على إقناع المواطن بحملاتها الانتخابية.
"تم السطو على ثورتنا"
لكن هناك من ينظر للوضع بتفاؤل، فالشاب منير لم يعجبه تشاؤم أبناء جهته وقنوطهم من العملية الانتخابية، داعيا أبناء سيد بوزيد للتصويت "ضد هؤلاء الذين يريدون إزهاق ثورتنا". وخاطبهم أن قائلا "صوتوا لمن ضحى من أجل هذا الوطن، صوتوا من اجل أن تختاروا مصيركم. فغيابكم عن الانتخابات سيمنح الفرصة لأزلام النظام القديم للتشفي وللرجوع إلى ساحة السياسية". ويعتقد منير أن العزوف عن التصويت "هو الذي سيعيد لنا الدكتاتورية من جديد".
محمود غزلاني من ‘حدى القوائم الانتخابية الشبابية بسيدي بوزيد، ولذي جمع حوله عدد من العاطلين عن العمل مثله، يقول في حديث له مع دويتشه فيله:" نحن سنواصل مسار الثورة، لأننا نؤمن أن الثورة لم تكتمل بعد، أما الحملات الانتخابية التي انتهت الآن فلم تمر على ما يرام. هناك خروقات كبيرة جدا (...) الانتخابات ليست شفافة وهناك تدخل كبير للمال السياسي هناك أحزاب تشتري الأصوات وتدفع لخيانة دماء الشهداء". ويضيف محمود غزلاني " لم يتغير شيء لا نزال نشهد الأساليب ذاتها، تأتي الأحزاب وتوزع عشرة دنانير (خمسة يورو) هنا و20 ديناراً هناك ليشارك الشباب في اجتماعاتها أو ليوزّعوا مطوياتها. سيدي بوزيد لا تنتظر شيئا من الانتخابات فقد تم السطو على ثورتنا".
"ثورة ثانية"
تراجع الحماس لدى أبناء مدينة سيدي بوزيد في وقت تشهد فيه البلاد أول انتخابات بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي يبدو واضحا، كما أن الرؤية غير واضحة عند أهالي سيدي بوزيد بشان اختيار من سيمثلهم من الأحزاب ولمستقلين.
لكن روح التحدي والإصرار لدى البعض كانت حاضرة بقوة، حيث قال أحد مواطني المدينة إن "المتربصين بسيدي بوزيد لن ينجحوا في إحباطنا نحن مستعدون لتفجير أكثر من ثورة أخرى لانتا نؤمن أن الثورة لم تكتمل بعد ".
جولة قصيرة بين مقاهي مدينة سيدي بوزيد وأسواقها وأمام ساحة محمد بوعزيزي تلاحظ موجة الغضب والاحتقان كبيرة لدى فئات واسعة من أهالي سيدي بوزيد، الذين يردّدون أنهم لا ينتظرون شيئاً من الانتخابات بعدما فجّروا ثورة وهم مستعدون لخوض غمار ثورة ثانية إذا لم تتحقق مطالبهم.
مبروكة خذير – تونس
مراجعة: عبده جميل المخلافي