مهلة إضافية وربما أخيرة لإيران قبل تدخل مجلس الأمن
قال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، أن إيران لا تمثل تهديدا وشيكا بسبب برنامجها النووي. ويأتي هذا التصريح بعدما اتجهت أنظار العالم اليوم إلى فينا حيث اجتمع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للبحث في تحويل ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن. وتأتي هذه الخطوة التي اعتبرها الكثير من المراقبين بالحاسمة بعد أن اتفقت كل من الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية مع الصين وروسيا على اقتراح توفيقي يقضي بضرورة أن يرفع الاجتماع الاستثنائي للوكالة الدولية قراره حول الإجراءات المطلوبة من إيران. وبعدما اعتقد الجميع، على ضوء التطورات الأخيرة، أن تحويل الملف إلى أروقة الأمم المتحدة بات شبه مؤكد، قرر مجلس المحافظين إعطاء طهران فرصة إضافية تمتد حتى مارس/آذار المقبل لحل الأزمة. وعلل البرادعي هذا القرار بالقول "أن البرنامج النووي الإيراني رغم وجوده في مرحلة حرجة لكنه لا يمثل تهديدا وشيكا." يذكر أن قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يكتسي أهمية بالغة لأنه سيوفر الغطاء القانوني اللازم الذي سيعتمده مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات عقابية مناسبة لكبح تطلعات إيران النووية.
الرهان على روسيا والصين
بعد أن استطاعت الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية إقناع روسيا والصين بتغيير موقفهما بشأن رفع الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي أصبح واضحا أن هامش المناورة السياسية لدى طهران بدأ يضيق. فقد بات من الضروري على طهران أن تستجيب للمطالب الدولية والتخلي عن المراوغات السياسية والعودة لطاولة المفاوضات بمقترحات جادة. لا شك أن التلويح باحالة لملف النووي الإيراني الى مجلس الأمن بدعم من روسيا والصين يشكل في مضمونه رسالة جادة للساسة الإيرانيين تعكس عزم المجتمع الدولي على مواجهة الطموحات النووية الإيرانية بجدية وبشتى الوسائل المتاحة. ومع كل ذلك يرى عدد من الخبراء السياسيين أن استجابة الصين وروسيا للضغوط الدولية بشأن إيران يبقى مكسبا ظرفيا رغم كونه ايجابي جدا. فموافقة البلدين المذكورين على احالة محتملة للملف الايراني الى مجلس الامن لا تعني بالضرورة موافقتهما على قرار أممي يقضي بفرض عقوبات اقتصادية على طهران، وهذا مرتبط بالطبع بعوامل اقتصادية بالدرجة الأولى، لاسيما وأن الصين مثلا تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط الإيراني.
النفط ورقة الضغط الإيرانية
من جانبه حذر سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، اندريه دونيسوف، من عواقب فرض عقوبات اقتصادية محتملة على طهران. وأشار المسئول الروسي أن إيران قادرة على ان ترد على تلك العقوبات بوقف صادراتها من النفط والغاز، مما قد ينعكس سلبا على الأسرة الدولية. وأضاف المسئول خلال تصريح صحفي "إذا فرضتم عقوبات على إيران فمن الأفضل ان تطرحوا قبل ذالك السؤال: من يفرض عقوبات على من، الأسرة الدولية على إيران أو العكس؟". وأوضح الدبلوماسي كذلك أن الجهود الدبلوماسية مازالت جارية لإيجاد تسوية للملف النووي الإيراني دون اللجوء إلى فرض عقوبات. يذكر أن روسيا سبق وأن طلبت من الوكالة أن يخلو قرار الإحالة من أي إشارة إلى اجراءات عقابية ، تاركة بذلك الباب مفتوحا أمام الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى حل سلمي للنزاع. إلى ذالك تحدث وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، عن تحركات دبلوماسية روسية وصينية قريبا نحو طهران من أجل شرح الاتفاقيات التي أُقرت في لندن إضافة الى العمل على دفعها للتعاون مع الوكالة الدولية.
المخاوف الامريكية
من ناحية أخرى أعرب متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، شون ماكورماك، عن قلق بلاده بشأن تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذي صدر مساء الثلاثاء 31 يناير/كامون الثاني 2005 ومفاده أن مفتشيها اطلعوا على وثائق مرتبطة بإنتاج مكونات أسلحة نووية. ويظهر ذلك التقرير حسب رأي المسئول الأمريكي أن البرنامج النووي الإيراني يتضمن شقا عسكريا وهو ما اعتبره أمرا مقلقا. وهذا ما قد يشير إلى أن طهران ربما تكون قد استأنفت فعلا الأبحاث التي تهدف لتخصيب اليورانيوم.
طارق أنكاي