الإنتخابات الألمانية - الاقتصاد ثم الاقتصاد وقليل من الهجرة
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤"إنه الاقتصاد يا غبي!". فاز بيل كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 1992 بهذا الشعار في حملته الانتخابية. ويمكن أن ينطبق أيضًا على الحملة الانتخابية القصيرة للأحزاب السياسية الألمانية لانتخابات البرلمان الجديدة في فبراير من العام المقبل.
لا شيء يشغل بال الناس في ألمانيا حاليًا بقدر ما يشغلهم الاقتصاد المتعثر، وذلك جزئيًا نتيجة للحرب في أوكرانيا. ويخشى الألمان من خطر فقدان الوظائف وارتفاع الأسعار.
ولا يكاد يمر يوم دون أن تتصدر عناوين الأخبار إغلاق وشيك لمصانع من قبل الشركات الكبرى أو ارتفاع للأسعار. ويقول ستيفان سايدلر عضو البرلمان الألماني عن حزب الأقلية (SSW) في مقابلة مع DW: "نحن نلاحظ ذلك هنا في الشمال. دخول الناس منخفضة، والأسعار آخذة في الارتفاع. ولم يعد الناس في كثير من الأحيان قادرين على شراء الأشياء اليومية بالطريقة التي اعتادوا عليها. وهذا هو التحدي الأكبر الذي نواجهه".
وتشعر الأحزاب الأخرى في البرلمان بنفس الشعور. فقد قدم أربعة منهم، وهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم، والحزب المسيحي الديمقراطي المعارض المحافظ، والاتحاد الاجتماعي المسيحي، وحزب الخضر، والحزب الليبرالي الديمقراطي برامجهم الانتخابية. والتأكيد على قضايا الدخل والاقتصاد والوظائف.
الاتحاد المسيحي الديمقراطي يؤيد خفض الضرائب على الشركات
على سبيل المثال، يخطط تحالف حزبي حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي لاقتصاد حر أكثر من قبل: فهو يريد تخفيض ضريبة الدخل وخفض الضرائب على الشركات تدريجياً إلى 25 في المائة. كما يعد الحزبين، الاتحاد المسيحي الديمقراطي /الاتحاد الاجتماعي المسيحي، مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعدم خفض المعاشات التقاعدية ويغريان بفكرة أن الأشخاص الذين يرغبون في مواصلة العمل بعد سن التقاعد يمكنهم كسب ما يصل إلى 2000 يورو إضافية معفاة من الضرائب. المشكلة هي أن الأفكار الجريئة التي يطرحها فريدريش ميرتس زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي والمرشح لمنصب المستشار تكلف مليارات اليوروهات ولن يكون بالإمكان تحقيقها إذا ما التزم الاتحاد بكبح الديون في القانون الأساسي كما هو مخطط له. ويتقدم ميرتس حاليًا بفارق كبير في استطلاعات رأي الناخبين ولديه فرصة جيدة ليصبح المستشار الاتحادي القادم بعد الانتخابات الجديدة في 23 فبراير.
الاشتراكيون الديمقراطيون يريدون تخفيف الحظر على الديون الجديدة
لكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي لا يزال في الحكومة برئاسة المستشار أولاف شولتس. ويركز الحزب على الحوافز الضريبية للشركات من أجل الاستثمار. وهو يريد إصلاح كبح جماح الديون من أجل إتاحة مليارات اليورو للاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها، على سبيل المثال في البنية التحتية المتعثرة. وحسب برنامج الحزب فإنه ينبغي أن يدفع فاحشو الثراء الذين تزيد أصولهم عن 100 مليون يورو ضريبة ثروة.
وفي البوندستاغ هذا الأسبوع أعلن شولتس أنه سيرفع الحد الأدنى القانوني للأجور مرة أخرى، إذ قال: "في الحملة الانتخابية الأخيرة، وعدت بحد أدنى للأجور قدره 12 يورو في الساعة، وقد أوفيت بهذا الوعد. ولهذا السبب أنا أناضل من أجل رفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 يورو في الساعة بعد الانتخابات الفيدرالية القادمة".
الخضر لم يعودوا يريدون فقط الدفاع عن حماية المناخ
وعلى مدار ثلاث سنوات من التحالف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي والليبراليين المؤيدين لقطاع الأعمال من الحزب الديمقراطي الحر غالبًا ما اتُهم الخضر بتحميل الناس أعباءً زائدة بخططهم الطموحة لحماية المناخ. أما الآن فهم يشددون على أهمية الحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل أقل بكثير مما كان عليه الحال في الحملة الانتخابية لعام 2021، كما يريد الخضر إصلاح مكابح الديون، ويدعون إلى دعم السيارات الكهربائية ويقترحون "صندوقًا جديدًا للمواطنين" لتأمين المعاشات التقاعدية. وسيتم تمويل هذا الصندوق أيضًا بأموال الدولة.
كما يريدون "ضريبة المليارديرات" حسب نائب المستشار والمرشح الأبرز روبرت هابيك في مقابلة مع صحيفة بيلد. ووفقًا لتقديرات الخبراء، يوجد حاليًا 249 مليارديرًا في ألمانيا: "إذا فرضت ضريبة على نسبة صغيرة من ثرواتهم، فسيكون لديك حوالي خمسة إلى ستة مليارات يورو"، حسب تقدير هابيك. وأشار إلى أنه يمكن استخدام هذا المبلغ لدعم المدارس.
الحزب الليبرالي الديمقراطي: حملة من أجل سياسة اقتصادية جديدة
وعلى غرار حزب الخضر، يدعو الحزب الليبرالي الديمقراطي أيضًا إلى إصلاح نظام المعاشات التقاعدية. ويقوم زعيم الحزب كريستيان ليندنر بحملة من أجل إدخال معاش تقاعدي قائم على الأسهم. وكانت المطالب الجذرية لليبراليين بسياسة اقتصادية مختلفة جذريًا هي السبب الرئيسي في تفكك تحالف "إشارة المرور" بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الليبرالير الديمقراطي في نوفمبر 2024. كما يمكن الآن العثور على العديد من المطالب في البرنامج الانتخابي. ويمكن على سبيل المثال تخفيف العبء الضريبي على الشركات والحد من أسعار الطاقة المرتفعة وتقليل البيروقراطية.
الخوف من الحرب، لا لمزيد من الهجرة
بالإضافة إلى الركود الاقتصادي، من المؤكد أن المخاوف بشأن السلام بسبب الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا وقضية الهجرة ستلعب دورًا في الحملة الانتخابية. لا يريد ميرتس، المرشح لمنصب مستشار الاتحاد المسيحي الديمقراطي السماح بقدوم المزيد من الأشخاص من سوريا إلى ألمانيا بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، حيث قال في تصريحات تلفزيونية على قناة ARD: "على أي حال من الصواب عدم استقبال المزيد من اللاجئين من سوريا الآن". ويدعو تحالف الحزبين المسيحيين، الاتحاد المسيحي الديمقراطي /الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بيانه الانتخابي إلى إعادة اللاجئين على الحدود حتى لا يتمكنوا من الوصول إلى ألمانيا. وعلى غرار الأحزاب الأخرى، يدعو الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي أيضاً إلى ترحيل طالبي اللجوء الذين يرتكبون جرائمً.
من ناحية أخرى يريد المستشار شولتس معالجة خوف الألمان من التورط في الحرب في أوكرانيا. ويريد الحزب الاشتراكي الديمقراطي الاستمرار في دعم أوكرانيا، ولكنه لا يريد تزويدها بصواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل أيضًا إلى أهداف في روسيا. ومع ذلك هذا بالضبط ما تحدث عنه ميرتس مرارًا في الأشهر الأخيرة.
وكانت أحزاب أخرى في البرلمان الألماني/ البوندستاغ، مثل حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف قد قدمت بالفعل برامج انتخابية بشكل مبكر. ويؤيد حزب البديل من أجل ألمانيا وقف الهجرة على نطاق واسع. وترغب جميع الأحزاب في التصويت على برامجها في مؤتمرات حزبية خاصة في العام الجديد. وسيتبع ذلك نقاش قصير ولكن ساخن حتى انتخابات البرلمان في 23 فبراير القادم 2025.
أعده للعربية: م.أ.م