فنلندا أمام تحديي دعم توسع الاتحاد الأوروبي وإنقاذ دستوره
٥ يوليو ٢٠٠٦لا يزال الاتحاد الأوروبي يبحث عن مخرج من أزمة الجمود السياسي التي تقف أمام استكمال مشروع الدستور الأوربي منذ أن رفضته غالبية كبيرة من الفرنسيين والهولنديين في العام الماضي. فالنخبة السياسية الأوروبية قررت قبل عدة اسابيع تمديد فترة "التفكير" في تطوير آليات جديدة لحل هذه المعضلة لمدة سنة، وتكليف رؤساء الحكومات الأوروبية، وعلى رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالبحث عن حلول عملية من أجل إحياء مشروع الدستور قبل انتهاء العام الحالي، حتى يسود الوضوح فيما يخص مستقبل الدستور الأوروبي مع نهاية عام 2008. أما رئيس الوزراء الفنلندي ماتي فانهانين، فقد أعلن اليوم الأربعاء أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورج ومع بداية الرئاسة الفنلندية للاتحاد الأوروبي أن حكومته تريد البدء سريعاً في التشاور مع دول الاتحاد الأوروبي حول مشروع الدستور. كما يريد فانهانين تسليم التقرير الذي يشمل نتيجة هذه المحادثات إلى ألمانيا عند تسلمها الرئاسة مع بداية عام 2007، لأنه يرى أن التعجيل بتطبيق مشروع الدستور يعد أمراً ضرورياً في ظل توسع الإتحاد الأوروبي.
"التوسع الأوروبي ضرورة في مواجهة العولمة"
أما فيما يتعلق بانضمام دول جديدة إلى الإتحاد الأوربي، فقد أعلن فانهانين عن رفضه وضع شروط ومعايير جديدة للدول التي ترغب في الانضمام إلى الاتحاد، مشدداً على أهمية ترك أوروبا مفتوحة للأعضاء الجدد بالرغم من الصعوبات في التوسع في دول أوروبا الشرقية. وقال في هذا السياق: "التوسع ليس مجرد مفتاح لدعم الاستقرار والديمقراطية، لكنه أيضاً أحد ردود الفعل الاستراتيجية على تحديات العولمة". ووفق رأي فانهانين يجب أن تتاح الفرصة لأي دولة تفي بشروط الإنضمام إلى الإتحاد الاوروبي أن تصبح عضو فيه. لكنه، ومن ناحية أخرى يجب التشديد على تنفيذ الشروط الحالية من قبل كل الدول الراغبة في الالتحاق بالاتحاد. هذا التصريح جاء مغايراً تماماً للهجة النمسا، التي كانت تتولى قيادة الدورية للإتحاد الأوربي سابقاً، والتي كانت في غاية التشكك في مغزى إستمرار عملية التوسع، وهو الامر الذي لم يقتصر على النمسا وحدها، بل إمتد ليصل إلى فرنسا وبريطانيا وألمانيا. ويعتبر ملف دخول تركيا المفتوح حتى الآن من أكثر النقاط التي تسبب تخوفاً للكثير من الأوروبيين، وهو ما جعل رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه مانويل باروسو يذكر تركيا بالتزامها بشروط الاتحاد وفتح موانئها الجوية والبحرية أمام الطائرات والسفن القبرصية.
الشراكة مع روسيا من أهم الملفات المفتوحة
ومن الملفات الهامة الأخرى التي تهتم بها فنلندا خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي، كانت الارتفاع بالمستوى التعليمي والتدريبي وتوفير فرص عمل جديدة للأجيال القادمة، كما أكد رئيس الوزراء الفنلندي. ويضاف إلى ذلك أهمية إيجاد توازن بين تأمين العمل وثباته وبين المرونة في ظروف العمل في الوقت نفسه، لذلك ستدفع هذه النقطة فنلندا إلى تنظيم قمة اجتماعية أوروبية تناقش فيها هذه القضايا. أما فيما يخص بالسياسة الخارجية، فأكثر ما دعت إليه فنلندا هو تقوية العلاقة مع روسيا بصفتها شريك إستراتيجي لأوروبا. ولا يقتصر هذا التعاون المرجو على التبادل التجاري وتوفير الطاقة، لكن الهدف هو الوصول إلى شراكة على أسس القيم الأوروبية والمصالح العامة.
انتقادات لتصريحات رئيس الوزراء الفنلندي
قوبلت تصريحات رئيس الوزراء الفنلندي بإنتقادات عنيفة، لأنها اتسمت حسب رأي نقاده بأسلوب رتيب. إلا أن فانهانين يرى في أسلوبه، الذي قد يكون تقليدياً، توجها نحو العمل الجدي، ونحو ما دعا إليه رئيس المفوضية الأوروبية من قبل وهو الوصول إلى "أوروبا النتائج الملموسة على أرض الواقع" وعدم الاكتفاء بالجدال غير المفيد. وقال رداً على هذه الانتقادات: "قد يكون أسلوبي وظيفي، لكنني لن أغيره. والاتحاد الأوروبي لا يمكن أن ينتظر تقوية مؤسساته قبل التحرك السياسي، لكن يجب العمل فوراً على تحسين إدارته. هناك ميل سائد في الاتحاد إلى فكرة: فلننتظر ونرى، لكن العالم حولنا لا يقف وينتظر، لكن لأجيال القادمة لن تغفر لنا تقصيرنا في لمواجهة تحديات العصر". يذكر أنه لم يرحب سوى الليبراليين من النخبة السياسية الأوروبية بحديث رئيس الوزراء الفنلندي، أما التجمعات السياسية الأخرى فقد قابلته بتحفظ وبانزعاج. وفي هذا الخصوص قال الرئيس المساعد لحزب الخضر دانيال كون بنديت: "لقد قلت كل ما يمكن قوله مستخدماً أفعالاً مثل: يجب وعلينا ومن المفترض أن، لكن لم تقل أبداً كيف أو لماذا، وعلى أي أساس وما هي الأولويات".