1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل حان وقت رفع هيئة تحرير الشام من لوائح الإرهاب؟

١٥ ديسمبر ٢٠٢٤

بدأت "هيئة تحرير الشام" المعارضة التي حررت سوريا من حكم بشار الأسد، في تشكيل حكومة جديدة. إن اعتبارها منظمة إرهابية يعقد علاقاتها الدولية المحتملة، ولكن هل هذا سبب كاف لشطبها الآن من اللائحة؟

https://p.dw.com/p/4o7Ut
التقطت الصورة يوم 10 ديسمبر 2024
عرضت الولايات المتحدة 10 ملايين دولار مقابل القبض على زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، الذي يساعد الآن في تشكيل حكومة جديدة في سوريا.صورة من: AAREF WATAD/AFP/Getty Images

اختلفت آراء السوريين في ألمانيا بشأن  هيئة تحرير الشام، ومن بين الذين أدلوا برأيهم حولها: غيث محمود، الشاب السوري البالغ من العمر 36 عاما، والذي قاتل في السابق ضد قوات الجيش السوري، وغادر بلده بعدها نحو ألمانيا منذ عام 2016، ويرى الشاب السوري أن"عناصر هيئة تحرير الشام هم أيضا أبناء البلد. لا أعرف ما إذا كانوا قادرين على إدارة البلاد. لكنني أعلم أن جميع هؤلاء الشباب يريدون فقط العودة إلى ديارهم الآن".

لكن من جهة أخرى، نجد سوريين في  ألمانيا  أقل تفاؤلا بخصوص هذا الموضوع، إذ لا يعتقدون أن هيئة تحرير الشام، التي تتولى الآن تشكيل حكومة انتقالية جديدة في البلاد، يمكن الوثوق بها.

لقد وعدت هيئة تحرير الشام بعدم فرض سياسة منغلقة على الشعب السوري المتنوع دينيا وعرقيا. ولكن صور رئيس الوزراء المؤقت الذي نصبته هيئة تحرير الشام، محمد البشير، أثار قلق بعض السوريين. لقد ظهر خلف مكتبه علمان: أحدهما علم الثورة السورية، والآخر كتبت عليه الشهادة الإسلامية، وهي الكلمات ذاتها التي تظهر على العلم السعودي وكذلك الذي تستخدمتها حركة  طالبان  في  أفغانستان.

إن السياسات التي قد تختارها الحكومة الانتقالية  السورية الجديدة، التي يتم تنصيبها من طرف هيئة تحرير الشام، تثير تساؤلات حول ما إذا كان ينبغي الإبقاء على تصنيف الهيئة المتمردة كمنظمة إرهابية.

كانت هيئة تحرير الشام مرتبطة في السابق بجماعات متطرفة مثل  القاعدة  وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ولهذا السبب صنفتها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، كما تعتبرها المملكة المتحدة "منظمة إرهابية محظورة".

يوجد لدى الاتحاد الأوروبي قائمتان لفرض عقوبات على الجماعات الإرهابية. إحداهما مستقلة عن الاتحاد الأوروبي، حسب ما شرحه متحدث باسم الشؤون الخارجية لـ DW، والأخرى تشبه نموذج الأمم المتحدة. في لائحة الاتحاد الأوروبي، لم يتم إدراج هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية".

"ولكن في القائمة الثانية للاتحاد الأوروبي المعتمدة على قائمة الأمم المتحدة، تعتبر هيئة تحرير الشام جزءا من منظمة فُرضت عليها عقوبات بسبب موالاتها للقاعدة وتنظيم داعش، وهذا الأمر يسري منذ عام 2013". وأضاف المتحدث: "إذا أزالت الأمم المتحدة هيئة تحرير الشام من تلك القائمة، فإن الاتحاد الأوروبي سيفعل الشيء نفسه".

التقطت الصورة يوم 10 ديسمبر 2024
هيئة تحرير الشام تدرس حل نفسها لتسهيل تشكيل حكومة انتقالية صورة من: Middle East Images/AFP/Getty Images

نقاش محتدم!


بداية هذا الأسبوع، اقترح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسن، أنه في ضوء الأحداث الأخيرة، فإن تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية يحتاج إلى إعادة تفكير.

وقال بيدرسون في مؤتمر صحفي في جنيف: "علينا أن تنتبه إلى الحقائق ونرى ما حدث خلال السنوات التسع الماضية. لقد مرت تسع سنوات منذ اعتماد هذا قرار إدراج هيئة تحرير الشام على قائمة المنظمات الإرهابية، والواقع هو أن هيئة تحرير الشام والجماعات المسلحة الأخرى كانت ترسل رسائل جيدة إلى  الشعب السوري  خلال هذا الوقت، لقد كانوا يرسلون رسائل الوحدة".

كما اقترح سياسيون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أيضا إعادة تقييم للقرار، على الرغم من أن الكثير من النقاشات المحتدمة جرت خلف الأبواب المغلقة. وفقا لأرون زيلين، الخبير بمعهد واشنطن، فإن إسقاطها من هذا التصنيف أمر غير واضح حدوثه بعد.

وأضاف في تصريح خص به DW: "من المفهوم أن تناقش الحكومات الأمر بسبب التغيير في الوضع بسوريا، وليس لأن الناس لا يعتقدون أنهم جماعة متطرفة. كما أنه حدير بالذكر، أن  هيئة تحرير الشام، قد دعت الولايات المتحدة إلى شطبها من قائمة الإرهاب منذ عام 2020". وبالنسبة للمتحدث فإن الأهمية الجيوسياسية الحالية  لسوريا بالنسبة للغرب قد تعمل لصالح هيئة تحرير الشام.

ويناقش الساسة اليمينيون المناهضون للهجرة في أوروبا منذ فترة كيفية تسهيل إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ولكن القانون الدولي من المرجح أن يحظر إعادة اللاجئين إلى بلد تديره هيئة مصنفة على أنها إرهابية، ولا يمكن لهذه الدول التواصل بشكل علني وقانوني معها.

الاتصالات قائمة

ومع ذلك، هناك بالفعل اتصالات بين هيئة تحرير الشام وبعض الحكومات التي تصنف هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية على الأقل. تتحدث تركيا معهم وتقول  وزارة الخارجية الألمانية  إنها لديها طرق للاتصال بهيئة تحرير الشام، وكذلك نظيرتها الأمريكية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء الماضي في واشنطن: "لدينا القدرة على إيصال الرسائل إلى كل طرف في سوريا، لكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة يمكنها قانونيا تقديم الدعم المادي لمنظمة تصنف أنها إرهابية". وبالنسبة للخبراء، يبدو أن هذا هو أهم سبب لإعادة النظر في إدراج هيئة تحرير الشام على قوائم الإرهاب.

إن الأمر يعيق  توفير المساعدات الإنسانية، وهو ما حدث بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال سوريا في فبراير/ شباط 2023. كما أن العقوبات السابقة المفروضة على نظام بشار الأسد وإدراج هيئة تحرير الشام على قائمة الإرهاب تجعل عمل المنظمات التي تعمل على التنمية وإعادة الإعمار في سوريا صعبا للغاية. 

وقد أعلنت هيئة تحرير الشام أنها تريد إدارة اقتصاد السوق الحر، لكن العقوبات سيكون لها "تأثير مخيف" على الصعيد الدولي، حيث يمكن أن تكون الشركات والبنوك حذرة للغاية عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع سوريا. 

أُسست هيئة تحرير الشام من قبل مجموعات متطرفة في سوريا، لكنها قطعت تلك العلاقات عام 2016، ومنذ ذلك الحين سجنت وطردت وقاتلت أعضاء من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. كما أعلنت الهيئة سابقا أنها لن تسمح باستخدام أراضيها كقاعدة لهجمات متطرفة.

وأشار تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن في منتصف 2023 إلى أن "هيئة تحرير الشام تشكل تهديدا منخفضا لمن يتواجدون خارج المنطقة الخاضعة لسيطرتها المباشرة. ومع ذلك، فإن أسلوب الحكم الاستبدادي لهيئة تحرير الشام يشكل تهديدا للسكان المحليين".

التقطت الصورة يوم 23 ديسمبر 2023
يرى الخبراء أن الطريقة التي حكمت بها هيئة تحرير الشام في شمال سوريا لن تنجح في بلد بأكمله، وخاصة بلد متنوع مثل سوريا.صورة من: LOUAI BESHARA/AFP/Getty Images

الأفعال لا الأقوال!


منذ عام 2017، سيطرت هيئة تحرير الشام على منطقة في شمال سوريا البالغ عدد سكانها أكثر من 3 ملايين نسمة، ومثلكل الميليشيات المعارضة الأخرى في البلاد، اتُهمت أيضا بانتهاكات في مجال حقوق الإنسان.

أوضح جوزيف ضاهر، أستاذ في معهد الجامعة الأوروبية وخبير في الشؤون السورية، في مقابلة مع مجلة Tempest هذا الأسبوع: "غالبًا ما تفرض سياساتها من خلال الترهيب واغتيال منافسيها وقتل نشطاء المجتمع المدني. يعبر العديد من السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة الهيئة عن ارتياحهم للاستقرار النسبي هناك، ولكنهم مستاؤون من ممارساتها الصارمة".

وقال خبراء في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية في بيان نُشر يوم الخميس إنه لأجل سحبها من قائمة الإرهاب والحصول على اعتراف دولي رسمي، يجب على هيئة تحرير الشام إثبات نفسها.

تصادم أم تفاهم بين قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام؟

وأضاف الخبراء في بيانهم: "يجب على واشنطن والعواصم الغربية الأخرى، أن تعرض على الزعيم العسكري لهيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، ما يجب عليه فعله لسحب التصنيف. ويتعين على الجولاني أن يُظهِر للسوريين بسرعة، وخاصة الأقليات في البلاد، أن هيئته قادرة على العمل مع آخرين لرسم مستقبل أفضل للبلاد. وعلى العالم، بدوره، أن يمنحه المساحة اللازمة للقيام بذلك".

أما إذا رأى المجتمع الدولي أن تصرفات الحكومة السورية غير سوية، "فإن المسؤولين يستطيعون إعادة فرض التصنيف بسرعة"، حسب مجموعة الخبراء الدولية.

أعدته للعربية: ماجدة بوعزة

كاثرين شير محررة في قضايا الشرق الأوسط